arablog.org

حبيبتي و الورق.. !!

صورة

شاعر رومانسي كاتب منسي كان نصيبي من هذه الدنيا ان أبيع الأدب للبخلاء بسعر القراءة لا أقوى على دفع كراء البيت او حتى مساعدة ابي فيه ولا أقوى حتى ان امشي على قدماي فانا مقعد مذ ان ولدت تقول امي إني لم اصرخ حينها كباقي الأجنة وقد أقلقت الأطباء كثيرا ولكني اليوم اخرج تلك الصرخة الف مليون حرف على الورق كلما رايت جارتي ماريا مارة من بابنا العتيق قتبدا بنات أفكاري بالرقص على اوتار الحب و انا ناظر لها من شق الباب الذي صنعته بعدما لم أقوى على الوصول إلى ثقبه كان شعرها كالعاصفة الهوجاء اذا ما حلت بوسط الحارة فيتحول دكان عمي سعيد الميكانيكي إلى معرض للوحات و يتحول شارعنا المليء بالحديد الصدئ إلى روضة من رياض الجنة اما مكب النفايات الذي صنعته جارتنا ام سليم تحت نافذتها فيتحول الى كنز من الذهب و الجواهر النفيسة كنت ارى بين كتفيها و خصرها الحب اما في باقي جسدها فكنت أرى العشق أما في عينيها كنت ارى نفسي و انا اكتب لها ابيات الشعر و خواطر جندي مقعد أرددته قتيلا بعدما قصفته بجمالها الخلاب هنيهة و عيناي حبيستها و روحي مسجونة في مشيتها و تغنجها الغجري كانت كفيلة بإصابتي الشديدة بالزهايمر و النسيان الكلي لجسدي بما فيه ذلك الكرسي الملعون الذي سرق مني كل أحلامي سرعان ما يعود كل شيء الى طبيعته بعد إن تقضني جدتي من واقع أشبه بحلم عسلي كنت مبحرا فيه بسفينة الشرود القاتل لتطلب من ان امسك معها الصوف لإتمام عملها الفني كانت هاته احد الأعمال التي كانت عائلتي تقحمني فيها لتنسني إعاقتي كانت يداي سلاحي و كنزي الوحيد لكنهما لم ينفعا الا لحمل كبة الصوف او لزراعة الحروف على أوراق الكراريس القديمة لأخي الصغير …دخلت ماريا الى بيتها بعد ان اقفل الريح بيتها بقوة و كأنه يغار عليها و يريد منها أن تكون حبيسة جدرانه فاعود لشرود ثانية وجدتي الهرمة تناشدني بسعالها حمل الصوف كنت لا اقوى على الحراك و ماريا تغني فقد كانت تزيد جسمي شللا بصوتها الذي كان يتساقط على قلبي كأوراق الزهور كانت هي وحدها حلمي الاكبر وسهلي الربيعي الأخضر في ارض خيالي الواسعة فقد كنا هناك انا وهي نلعب في ضل الشجرة الواحدة في ذلك السهل بجانب الوادي و انا امشي على قدماي و ان اطير حيث تنتهي الدنيا لتبدا رحلتي في عالم الأشعار و الكتابات و أدبيات حبيبتي فاكتب لها أن بين يديها مفاتيح قفص الإله فأما ان تخلي سبيله فيخلق من مثل جمالها الأخريات او ان تتركه في قفصه فتكون بذلك اجمل النساء .. اهمس على الورق فيكتب عليه مشاعري اني أحبها فأبوح لها بسري فاكتب لها و اقرأ وحدي “حبك لم اعد به حنيفا متعبدا معتكفا على الصلاة مثلما كنت لم اعد في زوابيعه اغرق في صحراء الحياة كما كنت و لم اعد احب جمع التخاريف من الكتب مثلما كنت بل اصبحت آلهة بكل أنبيائها سجين السماء و أسوارها و جدرانها المثقلة بالذنوب فأصبحت اتقمس دور الانبياء لاجلك لاكون كل الرسل كل الانبياء لاكون كل المعجزات و كل ما بنزل من السماء لاكون نوحا لأنقذك من انياب البحر ان انت غرقت لأكون خليل الله فتكون نار الحب علينا بردا وسلاما ان انت احترقت لاكون موسى جديد لاشق النيل لأجلك ولأشق قلبي اثنا عشر عينا ان انت عطشت و لأكون عيسى بن مريم لاحييك ان انت مت و من ثم سأعود كافرا ان انت كفرت فاكفر بما تنزل عليا من زخرف السماء و موسيقى كمنجة الإله و اصنع تمثالا لك من الذهب مثلما فعل قوم موسى و ابني لك اوتاد ثمود و سأعلق نفسي في صليب حبك فاشبه لناس فيضنوني ابن الله فاعبد في الارض لاجلك انت احبك و حبك لم اكن به حنيفا متعبدا معتكفا على الصلاة ” كنت اذوب مع شمعتي و ان اكتب لها و لكني كنت اواصل الذوبان بعدها فأصبح الانصهار في حبها هوايتي الجديدة فهي كانت منبع فني هي “ماريا” كتاب حبي المجيد …كم من ليلة كن اسهرها منزوع الإرادة مكبل القلب سجين الحب تحت يدا جلادتي و حبيبتي كم من ورقة بيضاء لطختها بمشاعري لأرسم لها عشقي الابدي و اخبأها تحت السرير و لكن في ذلك اليوم قررت ان ارسل لها كل تلك الأوراق و الألواح التي نزلت عليا من وحي سماء حبها الساحر مع احد أولاد الحي و كنت انتظر الرد فكان يخيل لي أن بصمتها تقرا أشعاري وتفرح بنثري فرحت كل ليلة اسرق السطور من الورق لأرسلها لحبيبتي بعد ان يكتمل فيا بدر الحب كل ليلة فاجتمع انا وخيالها و القمر و القلم و الحب فينتج عن هذا النكاح كلمات مقدسة اكتبها بمداد الروح اكتبها ليلا وأرسلها لها صباحا واقفل على نفسي باب غرفتي و أنا اتامل صورتها التي رسمتها بالفحم على الجدران بعد ان رسمتها بالجمر على صفحات قلبي… كل من في البيت أصبح يلاحظ تغيري لقد كانت عيناي تشعان بريق الحب وابتسامة وردية لا تغادر وجهي وفقدت شهيتي الا عن الكتابة فزدت فيها و تخلصت من كل دقات قلبي في قوافي شعرها …حبيبتي و الورق كانتا كل ما امتلكه في حياتي من الثروة و تمنيت يوما ما ان اجمع بينهما في كلمة واحدة تكون سر نجاتي من هذا الكرسي الذي ربطني فيه طيلة حياتي …لقد كتبت في ايام قليلة دواوين شعرية لا تقال الا في زمن الثورات وصنعت من الجدار الفاصل بين بيتنا و بيتهم سوق عكاظ و علقت عليه كل أشعاري و أمنياتي و أحلامي لقد رضخ لها نصفي المتحرك و عبدها نصفي المشلول فأعطيتها عنوانا لقصة قدري “ماريا” فؤادي المسلوب وشعري المنهوب و عقلي المخطوف و قلبي الهارب اليها لقد تفرقت فيها ولم اعد أقوى على جمع شتاتي إلا أن أتفتت فيها كانت هي زمني الجديد الذي توقف عنده تصريف الأفعال فما بقي منها الا ” احببتك احبك و ساحبك ابد المؤبدين وسأكون في في إخلاصك اخلص المخلصين وفي دينك ساكون سيد المؤمنين و امام المرسلين وآخر من سينطق الشهادتين كانت أولهما احبك وثانيهما احبك ” لقد بقيت في حبها انشد أغاني الربيع فزادت شمس املي في النجاة كلما كانت هي تصمت عندما ابعث لها ورقي فأحسست وكأني في حقول القمح احصدها بمنجل الحب الذهبي تحت شمس الغرام و أشعة الحب الأول و الأخير لقد احببتها مثلما لم أحب من قبل فقد كانت هي تسبق أمنيتي في المسير لقد كان الشك يساورني في كل شيء إلا أن أكون متيما بها نعم لقد أحببتها هذا كان قدري …. قررت ان اخرج للشارع بعد الإقامة الجبرية التي وضعتها لنفسي مذ ان تحصلت على الباكالوريا ولم استطع الالتحاق بالجامعة بسبب إعاقتي وأصبحت الآن اذهب الى البقال لاشتري حاجيات البيت لكي أمر من جانب بيتها و في احد الأيام استوقفني حديث كان يدور حولي في هناك و الضحك نسوي كان يثقب طبلة أذني وأمام البيت كانت أوراقي مرمية في احد الأكياس كم كان الالم يهدم أركاني و يصدع جدراني فقد كنت على شفا حفرة من الانهيار العصبي لكني صبرت وصبر قلبي معي و حملت أوراقي و حاولت أن اقنع نفسي ان عائلتها قامت برميها حماية للشرف فرحت اكلم صورتها في غرفتي ان لن اتركها ابدا ما حييت و سنقاوم انا وهي معا فنحيا معا او اموت فتحيا هي بذكرياتي و زدت في الكتابة وكأني أدافع عن حبنا في أحرف تذهب في مهب الريح بمجرد من انتهائي من كتابتها …في اليوم الموالي قد صعقت عندما سمعت صوت ماريا و أمها في البيت لقد اقتربت من شرفة غرفتي لكي أتملص و أن اعرف سبب المجيء و تحرك وسط الدار و عند خرجهما وقفت حبيبتي أمامي و بكل شاعرية قالت لي ” من تخال نفسك يا ايها المعوق ان الله لا يكتف إلا الثعابين ” و رمت عليا أوراقي لقد أحسست لأول مرة بوخزه كهربائية في ركبتي لأول مرة في حياتي و رحت أدحرج عجلاتي صوب غرفتي و قطعت كل الورق و رحت امسح صورتها و دموعي تصنع في وجهي مجاريها كما الوديان و ابحرت في حالة هيستيرية لم اشهد كمثلها قط لقد تكسر صنم حبيبتي الذي طالما عبدته لقد نكرتني بعدما كنت أول المؤمنين لقد تكسرت كل مشاعري و في الليلة ذلك اليوم شعرت لاول مرة بقوة في رجل فنهضت من كرسي المتحرك ولاول مرة تحركت ولم اسمع صوت العجلات التي ينقصها الزيت و فتحت الباب و هربت من الحارة تلك لا اعلم ان كنت روح ميت او جسد حي ولكني لم افطن إلا أن وجدت نفسي في سهلي الاخضر بجنب تلك الشجرة الواحدة وامام ذلك الوادي انا و حبيبتي و الورق .

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *