يعيش قطاع  الثقافة في الجزائر حالة مزرية من الركود الفني و الابداعي و مرده الى قطع السبيل الذي تمارسه مافيا الثقافة على حساب المصلحة العليا للوطن لاسيما قطاع الادب الذي له نصيبه من الفساد في ظل صمت مهول تحترفه بعض الاواسط بما يكفل ديمومة الحال على ما هو عليه من ظلم و ظلمة يتسع سوادها كل يوم مكتسحة حقل المداد الايجابي الذي بات يضمحل شيئا فشيئا بسبب هذه اللعبة القذرة

حيث تحتكر بعض الزمر ادوات النشر و التوزيع و الطباعة  دون الاخرى مرجحة الكفة للرداءة على حساب الابداع و للمحسوبية على حساب الموهبة و لكبر السن على حساب كبر العمل  اذ لا احدا في الجزائر بات يدرك الماهية الحقيقية لما يسمى ( العمل الادبي ) فاغلب الاعمال الصادرة في الجزائر هي اعمال يمكن تصنيفها في (الادب المزيف) و ذلك تبعا لسياسات تكميم افواه المواهب الشابة و قتلها و منعها من الظهور لفائدة عصبة من تجار الالقاب و التسميات متجاهلين بذلك السيرورة التطورية للعمل الادبي بين الاجيال قاتلين بذلك اي ارادة فردية في الانتاج و الابداع

تتعاون المافيا في سرقة الكتاب الشباب و سرقة احلامهم عن الطريق الزج بهم في مغاوير الثقة مبعدين اياهم عن تجربتهم الخاصة و جعلهم حقلا لقطف الافكار و التزودات الادبية المختلفة التي تعجز قريحة كبار السن من التجار الادبيين تقديمها على طريقة ( اني ارى رؤوسا قد اينعت و قد حان قطافها ) و تدور الافكار في حلقة من الاصدقاء الفاسدين بطريقة تجعل الضحية لا يجد مفرا امام اللعبة القذرة سوى بالولوج فيها اكثر ظنا منه ان الافكار المنتشرة من حوله و التي قد تبدو له هاربة من كراسته في البداية ما هي سوى توارد للافكار قد يصنف خارج مجال السرقة  و لكنه سرعان ما يجد نفسه حقلا للرماية من كل صوب حيث يجد افكاره تتبخر منه لفائدة اسماء اخرى تحت طائلة نفس المسمى ليكتشف فيما بعد ضحايا اخرين من نفس طينته يشتكون نفس الامر مما يجعله يكتشف في الاخير ان من وضع كل ثقته بهم لم يكونوا سوى لصوصا يحتكرون الثقافة بشريعة الغاب

و هذا جانب فقط من الاعمال الابتزازية التي يعيشها المبدع الجزائري على العموم و الشاب على الخصوص من عمليات تحايل و لوصصة اذ لم يعد حقل الطباعة و النشر في الجزائر الا مزارا لاصحاب المحسوبيات او ابناء الكتاب و ابناء عمومتهم و ابناء جلدتهم او لاصحاب المال  بغض النظر عن النقد الذي لا يؤخذ من معناه سوى الاسم في الجزائر حيث تزكى اعمال تافهة على حساب اخرى عملاقة لا تاخذ نصيبها العادل من الاهتمام

انور رحماني