arablog.org

الفسيفساء البشرية

 

فسيفساء

يبدو العالم الانساني متجانسا و متراصا مليئا بالاختلاف مما يجعله يبدو انيقا بالوانه الكثيرة فلكل انسان انطبعاته  و طبيعته و سلوكاته و فلسفته و ميوله و ذوقه لكل انسان ارادة يعبر عنها بطريقته و كل انسان بحكم بصمته الوراثية و الشخصية يختلف على الاخر و هذا الاختلاف ما يجعله متميزا عن الاخرين و في نفس الوقت يشبههم بكونه انسان

فزيادة على الطبيعة الملهمة فان الاختلاف الذي فيها هو الذي يصنع هذا الجمال الذي يدفع الفنانين الى الابداع فكل ما في الطبيعة عادة يبدو كثير التنوع من الوان و انواع و اشكال و اجسام و مواد و ان هذا التنوع لهو منعكس في ذات الانسان و في كينونته فمن البديهي ان يكون الانسان هو نفسه مرة اخرى و ان يكون انسانا اخر في نفس الوقت فحال الانسان من حال الطبيعة متعدد و مختلف حتى في نفسه احيانا فمابالك بينه و بين الاخر

هل يمكننا ان نتخيل عالما بدون رسامين ؟  بدون شعراء ؟  بدون روائيين ؟  بدون موسيقيين ؟  بدون مغنيين ؟  بدون راقصين ؟  بدون مصممي ازياء ؟ بدون سينمائيين  ؟

كل اؤلائك الفنانون يعطون الحياة الوانا و نكهات و يحاربون فينا الروتين و بدونهم سيصبح الانسان يعيش في عالم مظلم و عديم النكهة و ستفقد الحياة البشرية عنوانها الانساني و لن يعود هناك ما يجعل الانسان في تناغم مع الحركية الطبيعية فالطبيعة تتصل بالانسان من خلال اداة الفن و و الفنانون هو رسل الطبيعة و انبيائها و وحدهم من يمكنهم ان يستنطق مشاهدها و يترجمها الى لغة البشر بشتى الطرق فخيال الفنان انما هو ملكة تهبها الطبيعة لمن يعشقها فالفنانين الحقيقيين هم اكثر الناس تشبثا بها و هم اكثر من يعطون للحياة الحاضرة للانسان معنى جميل

و هل يمكننا ان نتخيل العالم بدون علماء ؟  بدون مخترعين و مكتشفين و بدون مفكرين بدون فلاسفة ؟

الامر اشبه بان يفقد الانسان عقله فحياة البشر بدون علمائهم و مفكريهم و فلاسفتهم و مخترعيهم و مكتشفيهم تصبح حياة مجنونة بلا هدف لا يكاد للعقل فيها ان يصيب ولا يكاد فيها للانسان ان يخطيء فكل خطء يصبح صوابا و كل صواب لا يعد كونه من المعلوم الثابت و الذي يحتمل بدوره شكا كبيرا و مقدارا من الخطء فالعلماء هم اللذين يجدون الحلول التجريبية للمعضلات الفيزيائية و الطبية و الفلكية و الكيميائية و غيرها و المخترعين هم اللذين يضيفون لحياتنا ادوات تسهل لنا حياتنا اكثر و المكتشفين هم اللذين يضيفون لقواميسنا اسماءا جديدة و المفكرون اللذين ينقدون المجتمع و يصوبونه و يدرسون الظواهر الفكرية و الاجتماعية بعين ناقدة و الفلاسفة  اللذين يغمرون ذهننا باسئلة جديدة تدفعنا نحو البقاء اكثر لنعرف اكثر

ان كل المهن في الارض لها دورها في صناعة جمال الحياة البشرية كما يجب ان تكون دائما رائعة و متكاملة و كذلك هي الوان اعيننا و الوان بشرتنا و طول اجسادنا و نوع شعرنا و لغاتنا و لهجاتنا و دياناتنا و لاديناتنا و افكارنا التي نتحدث بها و ميولنا الطبيعي و الحب العام الذي نشاركه كال الكائنات الحية و الحب الخاص الذي نخصص به بعضا منها فهذه الفسيفساء البشرية تجعل الحياة ممتعة جدا فهي تفتح الفضول للانسان ليعرف الاخر و نفسه اكثر فليس من المنطق ان يعمل الانسان على ان يكون كل الاخرين نسخ مشابهة له و لفكره فهو اصلا لا يستطيع ان يكون نسخة طبق الاصل عن نفسه في كل الاوقات و ان الاختلاف ليس مبررا للعنصرية بل هو الدافع للحب و الشغف بالاكتشاف

انور رحماني

  3 comments for “الفسيفساء البشرية

  1. 26 أبريل,2015 at 1:19 ص

    عزيزي رحماني ،نحبك خو ،واش نقول على هاذ الموضوع رائع روعة
    انه متعدد ومختلف هو الاخر ،انه يشير لجوانب مختلفة و لاشياء متعددة ولكنه يهدف لاعطاء صورة شاملة لكل الوان الطيف وعلى ابعاد مختلفة لنرى جمالية الكل عبر اختلاف وتنوع الجزء ،كنوع من الوحدانية .
    رحماني. عجبتني بزاف

  2. محمد سنوسي - الجزائر
    26 أبريل,2015 at 8:37 م

    و أنت تتساءل عن امكانية تخيل عالم بدون علوم و فنون و عقلاء… ببساطة انه العالم الاسلامي، اين يحب محل الفلاسفة و المفكرين وعاظ حور العين، اين يحل محل الأقلام السيوف، أين يحل محل المطربين مغردو الحلال و الحرام، أين يحل محل الروائيين و السينيمائيين دٌعاة المذاهب و الظلاميون، أين يحل محل العقلاء انفصاميون يجوبون الأرض و يذلون أنفسهم بأنفسهم بجهلهم الأعمى بمبادئ الحياة التي لا تتغير، التي وجدت قبل أي دين أو دار عبادة.

  3. كمال بيو
    13 مايو,2015 at 3:34 م

    موضوع تافه

اترك رداً على كمال بيو إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *