arablog.org

إرهاصات الديمقراطيّة العربية وحشودها…بقلم مهنّد رجّاتي

 
الديموقراطية كواقع في مجتمعاتنا العربيّة،ديموقراطية مريضة، وصف يبدو عادلا بالنظر لمجمل تلك المغالطات التي تتملّك هواجس المؤسّسة الإجتماعية العربية، فمن يدّعي  بأن الديموقراطية هي فرض لأحكام الأغلبية على الأقليات كما هو الحال لمعظم ساكنة عن الإقليم الجغرافي المسمّى عربي، لا يمكنه  إلّا أن يكون ديمقراطيًا “مخبولًا”، إن مرض ( الديموقراطية العربية ) في مجتمعاتنا اليوم لا ينحصر في معارضة الأنظمة المستبدة لهذه الأداة و الوسيلة الضامنة لتحقيق رغبة الأغلبية في ظل احترام رغبات و حقوق الأقليات، لكن المرض كامن أيضا في فهم العقل البسيط لها ، إن ( مرض الديموقراطية ) في ( مجتمعاتنا العربية ) عرف لنا المفهوم و حصره في كونه أداة لفرض الرأي الغالب و تغييب و دحض الآراء المغايرة ، و حضور و هيمنة الرأي المقدس و عقلية الحاكم المقدس ( المستبد المقدس ) دون غيرها من الآراء أو الأفكار أو التعاليم .
إن الديموقراطية قد انتقلت من كونها أداة تقتضي ضم ثلاثية المواطن ، الحرية و التداول على السلطة أي التداول على الأفكار و المشاريع إلى وسيلة تطبيق الحكم المقدس و الفكر المقدس و الشرع المقدس، و صار الحاكم ( الديموقراطي ) ( العربي ) اليوم لا يخضع لا لشعب و لا لقانون و لكن لفكرة مقدسة و مجيدة يسعى لبعثها و يكرس حكمه لصالحها و لأجلها.
 إنّ الأزمة اليوم هي أزمة مصطلحات صرنا عاجزين عن فهم مضامينها ، بل و صرنا نعطيها تفاسيرًا قياسية بناءً على الحوض المعرفي أو الأيديولوجي الذي وضعناها فيه و سقيناها منه، فصارت المواطنة على سبيل المثال هي الانتماء لديانة ما أو قبيلة ما أو إيديولوجية ما، و تغيرت الحرية من مفهومها المقدس الملازم لمفردتها إلى جدار ضيق يفرض عليك حدوده و مسافاته و قوانينه و يتركك لحرية ممارسة مزيّفة ومقيدة ، و صار التداول على السلطة خلافة و تبديلا للأسماء و الأوجه لا الأفكار أو المشاريع أو الإيديولوجيات.
إننا نرى اليوم أن مجموع القوانين و الدساتير التي تسير الحشود  العربية  لطالما تحولت و صارت مجرد حبر على ورق أمام فتوى رجل دين أو رأي حاكم شمولي مطلق ، فالقوانين و الدساتير و المواثيق لا يمكن أن تولد و تخلق و تترعرع و تنشأ في دولة أو مجتمع يقوم على توريث حكم أو فكرة أو تديين هياكل مادية و مؤسسات معنوية ، و إن السبيل الأوحد نحو فكرة الديموقراطية و مشروع القوانين و الدساتير و من ثم حقوق الأغلبية بالتوازي مع حقوق الأقليات لا يقطع طريقا و لا يسلك سبيلا من غير العقل ، فالعقل ( العربي ) البسيط يجب أن يجتاز هذه المرحلة التجهيلية الراكدة التي تلي مراحل انتهاء المجتمعات بل و تسبق بذلك حتى قيامها ، على أن نمضي بهذا العقل إلى مرحلة التفكير النقدي و الخلق الإبداعي و التفكير المبني على الاستقصاء  ، عسانا نمر من مرحلة الشمولية الفكرية التي تهد الدول إلى مرحلة الإبداع الفكري التي تشيد المجتمعات أي الأفراد و من ثم الحضارات.
 هذا المقال مشاركة من طرف كاتبه الشاب: مهنّد رجّاتي، أتمنّى له مزيدًا من التقدم والإبداع الفكري.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *