arablog.org

الجزائر: خطّة القايد صالح لابتلاع الكون… بقلم أنور رحماني

منذ بداية الثورة  ضد النظام في الجزائر، أو كما سمّيت اليوم “الحراك” سطع إسم الجنرال “القايد الصالح”، الذي يبدو أنّه يمتلك خطّة كاملة ومتكاملة لابتلاع الجزائر ومعها الكون بأسره، فالمراقب لتصرّفاته وكذا لبدانته يفهم بشكل واضح أن القايد صالح شره للسلطة وكذا لإلتهام أي شي قابل لذلك من مؤسّسات وقوانين وغيرها، فهو الذي قلّل من شأن الحراك الذي صرّح سابقًا أنّه يحميه، هو كذلك من يقاومه ويحاول أن يخترقه وفي نفس الوقت ينصّب نفسه رأس الحربة عليه، هذا التناقض الكبير بين ما يدور في ذهن هذا الجنرال وما يتفوه به وأيضًا حالة الهيستيريا التي ترافق نبضات قلبه المتسارعة للرد كل أسبوع على هتفات المتظاهرين تبدي حقيقة أن الجزائر تمرّ بعاصفة من الخرف والهذيان، وأن الرجل لا يصدّق إلى الآن ما يحدث فيها.

فالقايد صالح لم يخطّط لهذا، بل ما كان يراوده عن نفسه في السنوات الأخيرة لحكم بوتفليقة هو إضعاف نظام أسرة عبد العزيز وغريمه التقليدي الجنرال التوفيق  في نظر الشعب لكي يضع يده هو بعد ذلك على كل مفاصل الدولة، فعائلة بوتفليقة التي كانت تظن أنّها تضع رجلًا يحميها في كل الحالات خاصة وأنّه كان يبالغ في تمجيد عبد العزيز بوتفليقة في كل وقت يتسنّى له فيه ذلك ما كانت لتفكّر أن هذا الجنرال بإمكانه أن يلفّ حبل المشنقة على رقبتها، فعندما وجد القايد صالح نظام بوتفليقة يواجه ظغطًا جماهيريًا كبيرًا وكان عاجزًا عن إيجاد شرعية لحكم الجزائريين قرّر القايد صالح أن يتقاسم الكعكة بطريقة ليّنة مع النظام وذلك بأخذ كوطة من التعيّينات في الحكومة تقاسمًا مع السعيد بوتفليقة الذي كان يعلم الجميع ومعهم القايد صالح أنّه كان يمسك بختم رئيس الجمهورية وأن عبد العزيز بوتفليقة خارج مجال التغطية بشكل كامل، استطاع القايد صالح في هذه الأثناء أن يمرّر بعض مشاريعه السياسية والثقافية وكذلك العسكرية، فأصبح الجيش يسيّر بشكل مستقل بعيدًا عن وزير الدفاع وما كان بإمكان السعيد بوتفليقة أن يقيله.

في هذه الفترة حاول القايد صالح خلق نوع من الديبلوماسية الموازية وذلك لإيجاد دعائم خارجية لمشروعه فتقرّب من الزاوية الإماراتية وذلك عن طريق وهم الحسابات البنكية وحيلة إعادة التصنيع العسكري، ومن خلال الإمارات تقرّب القايد صالح من حلفاء هذه الدولة أيضًا وضمن دعمًا إعلاميًا دوليًا منها.

عند تقارب الحملة الإنتخابية للرئيس بوتفليقة بدأت تخرج للعيان فضائح الكوكايين التي هزّت الجزائر ورسمت صورة سوداء عن مفياوية العصابات التي تحكم الجزائر ومع ضغط كبير من القايد صالح على وزارة الداخلية التي لم يكن يستحسنها لأنّها كانت تحت سلطة أخ الرئيس، قرّر شيئًا فشيئًا عن طريق تفجير الفضائح أن يتفاوض على تعيين وزير للداخلية وكان له مراده بتعيين بدوي على رأس هذه الوزارة المعروف عنه قربه الشديد من القايد صالح وهذا ما سمح للقايد صالح بامتلاك القوة العمومية بشكليها الدفاعي والداخلي والمتمثلتين في الجيش والشرطة، ومع بداية الحراك قدّم القايد صالح أوامره للجهازين بالسماح للمتظاهرين بالتظاهر ضد آل بوتفليقة ومن معهم ومرافقة هذا الحراك الثوري.

في الحقيقة القايد صالح لم يكن ينشد بفعله هذا مرافقة الشعب حقيقةً بل كان يريد أن يصنع في الوعي العام فكرة البطل الأسطوري الذي جاء لانقاذ الدولة الجزائرية من العصابة التي تفتك به وبمقدراته، فقد كان ينتظر من الشعب الوقوف لجانبه ودعمه وذلك ليصل أخير لمنصب الزعيم الابدي المفدّى، وعندما تفطّن السعيد بوتفليقة ومن اختار الوقوف لجانبه لما يُحاك ضدهم من طرف هذا الصديق الذي يمتلك وجهًا آخر قرّر التحالف مع ندّه القديم الجنرال توفيق وذلك عن طريق ما يمتلك من أيادي وحلفاء داخل الجزائر وذلك للوقوف ضد القايد صالح وحينها قرّر القايد صالح أن يعطي الضربة القاضية لنظام بوتفليقة وامتصاص طاقته على طريقة الرسوم المتحركة.

حينها بدأت حملة الاعتقالات التي مسّت كل رجالات بوتفليقة وكذا الجنرال توفيق وذلك ليفسح القايد صالح لنفسه المجال كاملًا دون أن يخشى أن انقلاب من نوع آخر وذلك على نفس شاكلة الملك سلمان في السعودية، لاقت هذه العملية استحسان الجماهير ولكن هذه الأخير كانت تريد أكثر من ذلك الأمر الذي لم يكن في حسبان القايد صالح، الشعب كان يبحث عن دولة حقيقية هذه المرة دولة مؤسسات ولم يكن يبحث عن زعيم وهذا كان بمثابة كابوس حقيقي بالنسبة للقايد صالح.

لم يجد القايد صالح من حيل إرضاء لهذه الجماهير سوى بالركوب على أمواجها ومحاولة إيجاد حلول وسط بين إرادته وإرادة الشعب، فهو يرفض كليًا فكرة المجلس التأسيسي التي قد تخرج حكومة حقيقية ورئيس حقيقي بتاييد الشعب قد يغبّره حتى من منصبه كرئيس للأركان بل كان يريد رئيسًا من اختياره يكون هو نفسه القايد صالح أو شخص من طوعه لكي يتسنى له مواصلة الحكم بشكل مباشر أو على الأقل من خلف الستار، ولفعل هذا حاول التقرب في البداية من العلمانيين دون فائدة ثم من الإسلاميين الذين قد أبدى بعضهم دعمه له باسم العروبة والإسلام ومن هذه النقطة وجدًا القايد صالح حلًا يقع في مجال السراب، وقرر أن يحارب عدوًا داخليًا يصنعه بنفسه هو العدو الأمازيغي أو الظهير البربري، وهذا لكي يعطي لنفسه شرعية الحكم المتجبر، ولكن خاب مسعاه فالشعب الجزائري رفض أن يعادي بعضه بعضًا والحيلة الشهيرة التي اعتمد عليها أعدائه دائمًا “فرّق تسد” لم تعد تجدي نفعًا مع شعب فهم أن وحدته سرّ قوته.

حاول القايد صالح تزيّيف الوقائع وإيجاد مبرّرات أخرى برعاية ندوى لحوار معارضة تشبه كل شيء إلا المعارضة، جمع فيها شخصيّات كجاب الله ومقري وشيتور وغيرهم الذين سبق وتم ركلهم في المظاهرات ولاقوا رفضًا كبيرًا، وآخر هذه التصرّفات الطفولية للانقلاب على إرادة الشعب قرّر هذا الجنرال المرتعش صب الزيت على المقاعد و “البوتوات” وهذا ليمنع الجزائريين من التظاهر ضد وهو الذي وعد بعدم إطلاق النار فاستعماله القوة المباشرة اليوم قد يعصف بكل أمانيه في ترأس الجزائر أو خلق صورة البطل على الأقل في الوعي العام الصورة التي لا ترافق أحلام هذا المراهق الكبير، ولذلك اختار حلولًا تشبه كثيرًا هذه المراهقة.

والآن بعد أن دخلت الجزائر في فراغ دستوري قرّر أن يكون هو الدستور وأن يضيف قواعد وهمية على شكل تعليمات تزيد من فترة حكم الرئيس المؤقت والحكومة دون شرعية دستورية، فهو يفضّل أن تمشي الجزائر على عكس وظهرها منحني على أن يرى طموحه بحكم هذه البلاد يتبدّد، فهذا الرجل القادم من زمن الديكتاتورييين لايزال يريد أن يحقق نفس المجد وهذا ما قد تجاوزه هذا الشعب الذي يحاول تفريقه بكل الطرق أحيانًا بتقديم نفسه كحامي لعروبته واسلامه وأحيانًا كحامي لمقدرّاته فهل تجديه هذه الوصفة الجديدة في تنفيذ خطّته في ابتلاع الكون، وهل سيكون النصر من حليف “القايد صالح” أم “الشعب الجزائر؟.

بقلم الكاتب : أنور رحماني

  2 comments for “الجزائر: خطّة القايد صالح لابتلاع الكون… بقلم أنور رحماني

  1. حكيم
    17 يوليو,2019 at 5:28 م

    يبدو أن القايد صالح يتمتع بالقوة المطلقة والذكاء الخارق ويمتلك إلكسير الحياة الأبدية

  2. شامي
    18 يوليو,2019 at 3:28 م

    بارك الله فيك يا سي انور هاذ النص يفكرني بفلم الدكتاتور لشارلي شابلين.

اترك رداً على حكيم إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *