يعانون في صمت و يتهمون بجرائم الاخرين وسط نفاق اجتماعي رهيب اليهود الجزائريين ضحايا العنصرية في الجزائر
ان تعدد الديانات في العالم هو نتاج حضاري كون الدين اصلا ما هو الا موروث اجتماعي و هو نتيجة حتمية للتطورات الاجتماعية التي تحدث في المجتمعات على مر السنين و قد ظهرت الديانات حين لم يكن يعرف الانسان اجابات منطقية عن تساؤلاته فراح يجيب عنها بطريقة ميتافيزيقية و اليوم اصبحت الديانات جزءا من المقومات التعريفية الاساسية للاقوام و المجتمعات و اصبحت جزءا من الهوية في الكثير منها ما عدا تلك الدول العلمانية المتقدمة التي تضع حرية الفرد في المعتقد و الفكر فوق كل اعتبار
و احدى اقدم هاته الديانات هي الديانة اليهودية و هي ديانة عايشت الحضارات الفرعونية و الاشورية و ظهرت في باديء الامر بجودوا او فلسطين و اسرائيل حاليا و كغيرها من الديانات جاءت لتظبط سلوكيات الفرد في الجماعة على اساس بديل لدساتير و القوانين التي كانت بدات تظهر عند البابليين و غيرهم في ذلك الوقت
و يهود الجزائر منقسمين الى عدة طوائف زمنية فمنهم من كان وجوده في الجزائر و شمال افريقيا ككل قديما جدا من العصور الاولى للامازيغ و منهم من هاجر الى الجزائر بعد سقوط الاندلس و فرارا من محاكم التفتيش جنبا الى جنب مع المسلمين و منهم من جاء مع الهجرة التركية الى الجزائر مع بدايات القرن السابع عشر و منهم من هاجر من اوروبا الى الجزائر ابان الاحتلال الفرنسي و هم بالتاكيد جزائريون ولودو هنا تربو هنا ولد كل اجدادهم هنا و يتقاسمون معنا كل الافراح و الاحزان
بعد استقلال الجزائر فر معظمهم بسبب العنصرية او الكراهية خصوصا و ان العديد منهم كان مع مبدا الجزائر فرنسية و سافرو هروبا نحو فرنسا او اسرائيل حيثو اسسو مدينة اشدود و التي اصبحت فيما بعد جزائر صغيرة وسط اسرائيل بنفس تقاليد الجزائريين و عداتهم الا ان الكثير منهم قد ساهم في الثورة التحريرية الجزائرية جنبا الى جنب مع كل الجزائريين و كان ولائهم للجزائر و هذا التباين امر عادي ففي كل الطوائف في العالم ستجد الاخيار و الاشرار فكما كان الكثير من الجزائريين المسلمين “حركة” و مع الجزائر فرنسية و كان الجزائريين المسلميين الاخرين مع استقلال الجزائر و مع الثورة كان بعض اليهود الجزائريين مع الجزائر فرنسية و البعض الاخر مع الثورة الجزائرية و استقلال الجزائر
و لليهود الجزائريين عدة اسهمات في الثقافة الجزائرية فان سئلت عنهم في المدن التي يعيشون فيها كشرشال و الجزائر و تيبازة و قسنطينة و تلمسان و بسكرة و سطيف و بليدة و غيرها لدهشت للحجم الكبير من التراث اليهودي بهذا الوطن الزاخر بموسيقاه و فنه على العموم حيث قدم اليهود الجزائريين العديد من الاغاني التي لازالت الى الان تغنى في الافراح و الاعراس في الجزائر و من ابرز المغنيين الجزائريين اليهود هناك ليلي بونيش صاحب اغنية “الجي الجي” و ” انا الورقة” و المغني روني بريز الصاحب الاصلي لاغنية ” يا بلارج” التي يضن العديد من الجزائريين انها للفنانة ” فضيلة دزيرية ” و تاتي المغنية الجزائرية اليهودية لين مونتي صاحبة الاغنية الجزائرية الشهيرة ” انا الولية” و ياتي المغني اليهودي الجزائري اونريكو ماسياس الذي يبكي دائما حرقة للعودة للوطن الام و مسقط راسه بقسنطينة و هناك العشرات من كتاب الاغاني و الملحنين و المغنيين اليهود الجزائريين و لكثرتهم لا يمكننا ان نذكرهم كلهم على غرار الملحن اليهودي ملحن اغنية ديدي لشاب خالد الذي اطلقته الى العالمية
و لايزال بعض اليهود الجزائريين يعيشون في الجزائر و يصل عددهم للالاف لكنهم دون ادنى شروط ممارسة عقيدتهم و هم دائما يدفعون ضريبة العدوان الاسرائيلي على الفلسطنيين كانهم هم من يفعل ذلك و غالبا من يصطدم هاؤلاء الجزائريون من دين مختلف مع اراء الراديكاليين و الاسلاميين و خصوصا السلفيين اللذين يرون فيهم اعداءا لله متناسين قول نبي الاسلام “من اذى ذميا فقد اذاني ” حيث يجد اليهود الجزائريين الكثير من الصعاب في حياتهم رغم انهم مسالمين
ولليهود الجزائريين مقابر ولكن اهمها مقبرة بولوغين و التي هي ارض ملكية لاحدى العائلات اليهودية العاصمية حولتها الى مقبرة خاصة بها و بعائلاتها حيث ان اليهود الجزائريين يعانون في صمت نتيجة الخلط الفظيع بينهم بين حكومات اليمين المتطرفة في اسرائيل و جرائمها ضد الفلسطنيين و هو نفس الامر الذي قاد الكثير منهم في الجزائر و غيرها للفرار من القوميين ليس من الجزائر فقط بل من العديد من البلدان المجاورة
و وعدت وزارة الشؤون الدينية و الاوقاف في الجزائر باعادة فتح المعابد اليهودية في الجزائر تلك التي تم اقفالها في العشرية السوداء في التسعينات خوفا من الهجمات الارهابية و قد ادى هذا القرار الى خروج فئة قليلة من المغرر بهم من طرف زعيم السلفيين في الجزائر الارهابي السابق ” حمداش” الذب ابدى معارضته لهذا القرار علما ان هاؤلاء يعارضون كل ما هو جميل في الجزائر حتى اعياد الامازيغ بيناير راس السنة الامازيغية
في الاخير ريد ان اوجه رسالة للشعب الجزائري مفادها ان اليهود الجزائريين هم جزائريون و اختارو ان يكونو جزائريين علينا ان لا نحاسبهم بذنب اناس اخرين فلو فعل العالم هذا مع القاعدة و اسامة بلادن المسلم لاعتبر كل المسلمين ارهاب و لكن الحقيقة انه لا يحق ان نحكم على الاشخاص على اساس الدين او اللغة او الفكر او لون البشرة او الميول الجنسي او اسلوب الحياة مع يجب ان يهمنا في تعاملنا مع الاخر سواء كان يهوديا او غيره المعاملة الحسنة و الانسانية فقط و على الدولة الجزائرية ان تعامل الكل على اساس المواطنة و حقوق الانسان و ليس على اي اساس اخر ديني او طائفي
انور رحماني