arablog.org

الرسّام الجزائري نسيم بوعروس:الزج بالعنصر الديني في العمل الفني يخلق عقبة للفنّان

الفنّان الشاب نسيم بوعروس

الفنّان الشاب نسيم بوعروس

من المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بتيبازة كانت لي وقفة مع الطموح ذاته وهو يخلق نفسه في فصامة وجه  شاب فنّان من مدينة شرشال يحلم أن تزور أعماله الفنية العالم وهو ينظر للواقع الجزائري بنظرة حسرة بين مجتمع لا يتذوق المادة الفنيّة وبين خطاب ديني موجه يستنزف الحقل الفنّي رويدا رويدا في الجزائر معادلة يراها رسّامنا فاشلة تنبع من جهل بالقيمة الفنية في علاج الوعي الاجتماعي

بكلمات واثقة وبهدوء استضاف الفنان اسئلتنا بقلب رحب وعقل فذ ولغة متماسكة وكأنّك تحاور حكيما في أواخر عطائه الفلسفي قادنا الحوار مع هذا الرسّام الطموح الذي تبدو عليه علامات الابداع ويرتسم على محياه اكسير الفن الذي تلمسه في نظراته من الوهلة الأولى معبرا عن جل الشباب الفنانين المغيبين للأسف في الجزائر  وبعيد البسملة التي اختارها الفنّان من اجل اقامة تصالح مع المجتمع وضد اي سوء فهم قد يقرء من أجوبته لاواعيا بحكم النظرة الدينية المتسلطة على الفنّان عادة ككليشي حطم الابداع في الجزائر فكان لنا هذا الحوار :

_كيف تعرف نفسك نسيم للقارئ : بعد بسم الله الرحمن الرحيم

يمكنني ان اعرف نفسي للقارئ الكريم انني فنان مثل جميع الفنانين في الجزائر و حاليا انا ادرس الفنون الجميلة و لدي شغف كبير في الفن واسأل الله ان يوفقني انا و جميع الفنانين  فطموح أي فنان هو ان يعبر عن ذاتيته اولا وعن مجتمعه ثانيا وأن يخلق نوعا من التمرّد على الواقع و على المادة الفنية السابقة من خلال تجارب فنية جديدة وقوالب تستنطق الرغبة و الفكر و كل مقاصد العقل والعاطفة الانسانية وتلبي الأسئلة الحرجة التي قد يضيق لها صدر اي فرد في المجتمع بينما يراها الفنّان كجمالية بذلك أعرف نفسي بكوني فنّان لأنّي أعرف جيدا استنطاق تلك المكامن والتعبير عنها في قالب فنّي من خلال خيالي ومن خلال ما تعملته من احترافية ستتطور عندي من خلال مكتسبات جديدة قرّرت تطويرها في مدرسة الفنون الجميلة

_لماذا اخترت الرسم ولأي هدف وماهي المدرسة التي تحوز ميولاتك الفنيّة:

في الحقيقة انا لم اختره بل هو الذي إختارني حيث أن الأمر يبدو جينيا طبيعيا أكثر منه اختيارا فأنا منذ الطفولة أميل للمواضيع الفنية مثل الرسم و الكتابة و أتذوق كل ما هو جميل و أستطيع ان ألخص لك نظرتي للفن على انه لا يمكنني العيش بدونه فهو الهواء الذي أتنفسه وأشعر اني وجدت في هذا العالم لأجله كغاية للحياة و هدفي من الرسم هو ان أوصل أعمالي إلى العالمية ولذلك احاول تطوير مهاراتي و تحكمي بالريشة والالوان و الضوء و الفراغ لأني اريد ان اصل إلى أبعد نقطة في هذا الفن لأن الرسم غير محدود و لا متناهي كغيره من الفنون ولذلك الحرية عامل اساسي في ابراز المواهب الجديدة دون تعقيد ولا تكبيل ومن هنا اخترت الرسم لأني أردت أن أكون حرا في أن أكون أنا بكل حريّة

أمّا المدرسة التي تحوز ميولاتي هي المدرسة الرومانسية لأنها تعتمد على العاطفة والخيال والإلهام أكثر من المنطق وهي تعبر عن العواطف و الأحاسيس و التصرفات العشوائية أو التلقائية الحرة للفنان وهي تعالج موضوعات غير مألوفة و غريبة لهذا انا اميل الى الرومانسية(الرومانطقية)  في بإختصار هي إكتشاف القدرات الجديدة والدخول إلى ماوراء العوالم البعيدة و أسرارها ولوحات الرومنسية تتسم بالغموض وأيضا يمكننا ان نرى في لوحاتهم مزيج من العواطف و الأحاسيس

_كيف ترى تجاوب المجتمع مع الفن ككل ومع الرسم بوجه خاص:

في الحقيقة إن مجتمعنا يحب الأعمال الفنية لاواعيا ولا يترجمه الى فعل ملموس ولهذا يبقى تجاوب المجتمع مع هذا الفن و الرسم شبه منعدم في الجزائر وذلك لغياب الثقافة الفنية و هذا ليس خطأ في المجتمع برأي لذلك يجب أن نقوم بنشر ثقافة الفن والفنون الجميلة بصفة عامة وذلك من خلال تكثيف النشاطات الثقافية ودعم كل ماهو مساند للفن و تقديم كل ماهو راقي للوعي الفني الجمالي و المخيال العاطفي وعدم الرضوخ لتيارات البشاعة التي التهمت المادة الفنية وقرّرت أن تلغيها تماما من قاموس الجزائري

_مارأيك حول النشاطات الثقافية في الجزائر ؟:

النشاطات الثقافية في الجزائر صراحة قليلة و هذا شئ مؤسف لذلك علينا أن نقوم بتغيير جذري فني في الجزائر من خلال إقامة النشاطات الثقافية و المعارض …إلى غيرها من النشاطات و دعم الشباب الفنان الطموح المتعطش للفن و الجزائر تزخر بمواهب فنية هائلة و غير محدودة لذلك يجب أن نستثمر هذا الكنز الفني من خلال النشاطات و دعم الدولة لإعطاء نفس جديد لهذا المجال

_حسب رأيك كيف يمكننا بناء مجتمع مذواق للمادة الفنية ولماذا نجد البعض يحاول دائما الزج بالعنصر الديني في مواجهة العمل الفني؟ :

نعم يمكننا بناء مجتمع مذواق للمادة الفنية بنشر الثقافة الفنية في المدارس و إقامة النشاطات الفنية فيها و تعميمها و نشر الوعي و تدعيم الوعي الفني لدى الأفراد و مساندة الدولة للفنانين الشباب و خلق فضاءات فنية و معارض و تقديم كل ماهو راقي للمجتمع لذلك فإن معادلة نجاح الفن في أي مجتمع هو وجود مجتمع مثقف و مذواق للمادة الفنية و الهدف الثاني هو تنمية الإحساس بالجمال لدى الجمهور و ترقية مشاعرهم و تذوقهم للجمال لنصل إلى مجتمع مذواق ذو أحاسيس و أخلاق عالية لا تنبع من مكتسبات وراثية بل من تصورات جمالية فنية ولكن للأسف هنالك البعض يقوم بزج العنصر الديني في مواجهة العمل الفني و هذه فكرة فاشلة صراحة لأ ن الفن فعلا مهم في حياة المجتمع و الزج بالعنصر الديني فيه يخلق عقبة للفنان حيث لا يمكنه الإبداع في ظل وجود هذه العقبات و بكل ثقة يمكن القول أن الفن في الجزائر يحتاج الدفع بعجلته لإخراجه من هذه الظلمة و ذلك بتسليط الضوء عليه و دعمه لان الفن هو مراة المجتمع و هو الناقل لمشاكله و إنشغالاته

_كيف تلخص شعورك و هل ترى أنه فيه إمكانية لإصلاح الموروث الثقافي الفكري خاصة في جانبه الفني لدى المجتمع ؟: يمكن أن ألخص شعوري انه انني على أمل ان تتحسن أوضاع الفن في الجزائر  من خلال الغاء القيود على الفنان وفسح المجال له ولخياله الطبيعي في التعبير عن الكيونونة الانسانية ونظرته للوجود و حتما هنالك الكثير من الشباب الفنان الذي يعاني من التهميش و نقص الدعم لذلك أتمنى ان تسير عجلة الفن في الجزائر إلى الأفضلنعم ارى انه هنالك إمكانية لإصلاح الموروث الثقافي الفكري و الفني لدى المجتمع و ذلك بالتحسيس و الدعوة لحرية الفن و الإبداع و ايا كان فإن الفن هو اساس الحضارات و الإهتمام به يدل على الرقي و الوعي الثقافي و في الأخير دائما هنالك أمل في إيجاد الحلول المناسبة لأن الفن في ذاته هو ايضا اداة لحل مشاكل المجتمعات و تنمية التذوق الجمالي لدى الشعوب

_كلمة اخيرة نسيم ؟:ككلمة أخيرة اريد أن اقول انه في عز الفوضى التي يعيشها مجتمعنا يبدو الفن و الجمال مفتاحين لخلق فرصة جديدة للنهوض بالجزائر و خلق انسان جزائري واعي يبني وطنه ويسعى لارساء السلم وقواعد الحرية و احترام الغير وحقوقه مهما كان هذا الغير ومهما كانت أعماله الفنية وأدعو المجتمع الى التصالح مع المادة الفنيّة فهي جمالية في الأساس تضاف له ومعادتها بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى يعد غباءا ممنهجا

حاوره أنور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *