arablog.org

اعتداءات باريس : حرب على قيم الثورة الفرنسية

les attentas de paris

قلوبنا تنزف جمرا لضحايا الاعتداء الوحشي في عاصمة الملائكة باريس عاصمة العشاق عاصمة الحب تحولت بين لحظات لبركة و سواقي لدم زكي و طاهر و بريء امتزجت فيه الدماء الفرنسية و الالمانية و كذلك دماء من الجالية الجزائرية المشجعة للفريق الفرنسي

ان تلك الاحداث هي رسالة مشفرة للعالم و للبشرية جمعاء ان ما يحدث في العالم اليوم هو مثلما  حدث في ذلك الملعب فحيث تخوض الامم المتحضرة منافستها الشريفة هناك عنصر ثالث مريض من العصور الدينية الغابرة يحاول ان يعيد الحضارة الانسانية الى  تلك النقطة السوداء من تاريخه حيث تخاض الحروب المقدسة باسم الدين لغاية قتل البشر و تفريقهم

هذا العنصر اليوم كان ربما داعش و لكن ايضا هذا العنصر يختفي بالف وجه بيننا من مؤسسات اعلامية ترعى تنشاة الارهاب في الشرق الاوسط و شمال افريقيا و برامج تعليمية تغيب التعليم الموضوعي و مكرسة لوجهة النظر الدينية للمفاهيم و كذلك بعض الاحزاب السياسية التي ترعى منهجا محطما للفكر الانساني في المنطقة و ايضا حكومات تسعى لتكميم الافواه و ترعى العنصرية ضد  كل المختلفين في المجتمع معطية غطاء رسمي للفكر المتطرف من اجل تغييب العقلانية عن شعوبها و السيطرة عليها باستخدام شماعة الدين

ان ما حدث في باريس يجب ان لا يؤخذ كسبب لمباشرة مقاومة هذا السرطان الخبيث الذي يعصف بالعالم فقط بل يجب ان ينظر له  كنتيجة حتمية لتجاهل كل تلك الممارسات التعسفية القانونية و السياسية التي تقوم بها مؤسسات تتصف بالطابع الرسمي في المنطقة العربوفونية فان تجاهل البروباغندا الدينية التي تتسع في المنطقة هو السبب الحقيقي لمثل هذه المخلفات الدموية و المجازر البشعة بحق الابرياء

و لذلك يجب للمجتمع الدولي و معه فرنسا النظر الى المرض في حد ذاته و مقاومته و صنع مضادات حيوية له و ذلك ان مقاومته باساليب عسكرية تقليدية  يمكن ان تكون لها نتيجة على الاعراض اما المرض الحقيقي فسيبقى و لذلك يتوجب عليه السعي وراء تغيير الذهنيات و تكريس الطابع الانساني في هذه الشعوب و ذلك عن طريق دعم المناضلين في هذا المجال اعلاميا و كذلك الضغط من اجل تكريس مباديء حقوق الانسان الفلسفة الانسانية الحديثة في المناهج التعليمية و تكريس كل الجهود من اجل هذا الهدف

ان هجومات باريس هي هجوم على القيم التي اتت بها الثورة الفرنسية الى العالم و ان سلسلة الهجومات في الاونة المتقاربة الاخيرة في فرنسا هي رسالة ان الحرب في الحقيقة ليست ضد دول و فقط وبل ضد افكار و ضد فلسفة توحد الصف البشري و تناهض العنصرية و اللامساواة في العالم

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *