arablog.org

مليون و نصف مليون شهيد يعزفون لحن الاختلاف

مليون و نصف مليون شهيد  : من نساء و رجال , مغايرين و مثليين , مؤمنين و ملحدين , حرروا الجزائر

شهداء الجزائر

لقد كانت الثورة الجزائرية 54 – 62 عنوانا للتحرر من قيود الاستعمار و كدلك من قيود الرجعية حيث اثبت الشعب الجزائري قوته و شجاعته و كدلك تحضره و تقبله الاختلاف في كنف ثورة شاملة شاركت فيها كل شرائح المجتمع الجزائري على اختلاف لغتهم و دينهم و جنسهم

و حيث كان من الواضح التواجد العنصر النسوي في النضال حيث حملت المراة السلاح الى جانب الرجل و توغلت معه في كهوف الجبال و في الغابات و شاركته امحن الظروف و ضربت نون النسوة و تاء التانيث في الجزائر مثالا للمراة في كل العالم و اثبتت بكل حزم ان لا فارق بينها و بين الرجل و من هن جميلة بوحيرد الشهيدة اتي لم تمت هذه المراة التي لازالت الى الان تتغنى بانوثتها و حافظت على شبابها الذي قدمته عربونا لوطنها و من هن حسيبة بن بوعلي تلك المناضلة التي استشهدت في الجزائر من اجل ان تكون نساء الجزائر متساويات في الحقوق مع الرجل

و حيث شارك صاحب البشرة السوداء مع صاحب البشرة البيضاء و شارك المسيحي و اليهودي الى جانب المسلم حيث شارك فرانس فانون في ثورة التحرير و شارك العديد من الجزائريين من اوصل اوروبية  كما شارك الملحد و الشيوعي كالشهيد الجزائري موريس اودان صديق العربي بن مهيدي و العلماني حيث كانت لجنة اثنان و عشرين المؤسسة للثورة جلهم علمانيين و هاهو ايت حمد متمسك بافاكاره العلمانية الاشتراكية الى اليوم

لقد كانت الثورة الجزائرية ملونة بكل الروائح الزكية و الالوان البهية لمختلف فئات المجتمع الجزائري و على مختلف مشاربهم الفكرية فلم تكن عنوانا للحرية فقط بل كانت عنوانا للتسامح و الاخاء و النضال من اجل وطني يسع الجميع على محتلف مشاربهم الفكرية و لدينية و العقائدية
هذا اول مقال يكتب في تاريخ استقلال الجزائر عن شهداء الجزائر بهذه الطريقة فالخوض في خضم شهدائنا و دمائهم الزكية من المقدسات في وطني و يصعب التطرق اليها بعين ناقدة او دارسة فهاؤلاء الشهداء تحميهم السلطة و المجتمع فهم ارث جماعي يشترك فيه كل الجزائريين و اغلى ما في الذاكرة الوطنية و نستطيع ان نقول ان هاؤلاء الشهداء ما يوحد الجزائر الى يومنا هذا بعد كل الخلافات السياسية و الفكرية التي يشهدها هذا البلد منذ انفصاله و استقلاله عن فرنسا الى اليوم و قد بقيت الصورة النمطية التي يراها الجزائري في الافلام و القصص الشعبية و المحاضرات و الملتقيات حول المجاهد او الشهيد في الثورة تصورة و كانه الة لا احساس له ولا هدف سوى النضال و الجزائر فيفرغونه من انسانيته التي لبد انه كان متشبعا بها ليثور من اجل قضية عادلة كالقضية الجزائرية انذاك فهو بالتاكيد كان انسانا عاكفيا مفعما بالاحاسيس و بالاثار و انكار الذات ليضحي بنفسه فداء الوطن عكس تلك الصورة بالابيض و الاسود التي اكتسبناها من التزوير و الكذب فنحن نسيء لشهدائنا عندما نصورهم بتلك الطريقة الشوفينية تلك الطريقة التي نريد بها ان نثبت حبنا لهم فنجعلهم يموتون في يدنا ثانية فنجعلهم شهداءا لالاف المرات عندما نفقدهم روحهم الانسانية و نحن نتذكرهم لا انا ارفض هذا شهدائنا ليسو الات لرش الرصاص او الدم شهدائنا بشر و اكثر انسانية من ان يقتل بدم بارد او ان يمارس الرجولة الزائفة او ان يحكم باسم الطائفة او ان يعيش من اجل الرصاص و الحرب
ان رقم مليون و نصف المليون شهيد في الثورة التحريرية التي دامت سبع سنوات ليس بالرقم الهين فخلف ذلك العدد مليون و نصف المليون قصة حب في الجبال و المدن اخرى قصص عشق غرامي قصة حزن و قصة هروب فلبد ان يكون الشهيد قد سقط عشق امراة ما ربما جزائرية و ربما فرنسية و لبد ان احدهم كان يطارح احداهن الفراش و يبادلها المشاعر الجياشة و لبد ان تكون الشهيدة قد احبت احداهم و غمرته عشقا و حنان لبد لتلك الجبال الشاهقة التي كانت تجمع المناضلين قد حملت في طيات نضالها الحر الاف الاحضان و مليون و نصف المليون شهيد و شهيدة يقتضي وجود قصص حب مثلية الجنس بين رجل و رجل و مراة و مراة  نعم كيف لا و الرقم الكبير يستطيع ان يكون بمثابة شعب باكمله في بلدان اخرى  و يحتمل وجود مثليين و لو كاقلية

ان رقم مليون و نصف مليون شهيد يقتضي وجود ملحدين الى جانب المؤمنين و يقتضي وجود المصلي و محب الخمر و السهرات يقتضي وجود الامام و العالم المفكر و المتمرد فذلك الرقم المهول ليس عددا و فقط بل بشر كان لهم احساس و عواطف و قصص و حياة كان لهم احلام و ذكريات و طفولة و مراهقة و شباب اؤلائك الشهداء لم يكونو سوى جزائريين بكل انواع الجزائريين و طريقة تفكيرهم و بكل اللهجات فمثلما كان هناك من يصرخ و يقول الله اكبر كان هناك من يقول المجد لماركس مثلما كان هناك من يصلي لمكة كان هناك من يصلي ليسوع و مثلما كان هناك من يخطط للمعركة كان هناك من يمارس حياته بشكل عادي في انتظار التنفيذ
مليون و نصف المليون شهيد بالتاكيد لا يشبهون بعضهم البعض فكل فيهم كانت له رؤيته الخاصة لجزائر الغد و كل كان له حياته الخاصة و كانت له رسائل الحب التي تصله و يرد عليها و كانو بالتاكيد يجدون بعض الوقت لممارسة انسانيتهم بعيدا عن الحرب و لو بالاستماع للموسيقى و الرقص سويا مليون و نصف المليون شهيد مسلمين و مسيحيين و يهود و ملحدين و لادينين و علمانين و شيوعيين و رجال و نساء و مثليين و مغايرين و امازيغ و عرب و اوروبيين اتفقو كلهم على ان تحيا الجزائر فالمجد و الخلود لهاؤلاء الشهداء المختلفين اللذين احترموا الاختلاف و حرروا الوطن
انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *