arablog.org

العاطفة الدينية وجها لوجه

وجها لوجه

 

ان محل الدين في الانسان هو العاطفة و لكنه سرعان ما يطغى على باقي الوظائف الاخرى و منها العقلية فان كان تدينا سمحا كانت عقلية سمحى و ان كان تدينا عنيفا كانت عقلية عنيفة و لكنه يفقد القدرات الاخرى ان هو سيطر على الفكر فيصبح فيروسا يعطل مهمة العقل و يجعله منحصرا فيه و هادفا له و هذا خطر على الوظيفة الانسانية المتمثلة في التفكير

فالعاطفة الدينية من خلال الحدود التي ترسمها لعقل الانسان يجعلها معطلة لهذا الاخير فالحدود ان رسمت للتفكير تجعله يدور في حلقة مفرغة و يحوم حول القديم دون ادنى سعي منه للتجديد فهي بذلك لا تكون سوى جدارا منيعا يحول بين الانسان و تطوره المعرفي فتقتل فيه ارادة المعرفة و تحرم عليه الفضول الذي هو سمة الانسان الاعلى و رمز تفوقه

فالعاطفة الدينية تلزم قناعة معينة على المخدر بها ان المقدس لا يجوز دراسته بطريقة موضوعية ولا يجوز نقده و تلزم على الانسان تقديم انفعالات عصبية تجاه اي شخص يتجاوز تلك الحدود الوهمية التي تضعها العاطفة الدينية للانسان و يا ليتها كانت تلك الحدود محسورة في مجالها الديني فقط كان الامر ليكون اهون و لكن المشكلة الاكبر تكمن في ترصد الدين لكل ميادين عيش الانسان و العاطفة الدينية تشمل كل الحيز و المجال الذي يشمله الدين فيصبح مناقشة اي موضوع اجتماعي او سياسي او قانوني او اخلاقي يصطدم في كل الاحوال بالعاطفة الدينية

و في التاريخ لعبت العاطفة الدينية دورا رئيسيا في ارتكاب ابشع الجرائم فالعاطفة الدينية زيادة على طمسها للعقل تطمس ايضا جميع المشاعر الانسانية فهي تستطيع ان تقنع معتنقها بشكل سهل على القتل باسمها حماية للمقدس فالملايين في التاريخ ماتوا على يدها في كل الديانات و كانت في الكثير من الاحيان سببا في اضمحلال الحضرات و سقوطها

من محاكم التفتيش التي اقامتها الكنيسة في اسبانيا ضد المسلمين و اليهود هناك بعد سقوط الاندلس الى مذبحة سيفو ضد الاشوريين من طرف الدولة العثمانية الى مجازر الارمن الى مجازر اخرى ضد علماء و مفكرين و فلاسفة باسم الدين الى عصر داعش الذي نعيشه و امثلة اخرى لا نستثني واحدة منها كانت كلها نتيجة لتوغل العاطفة الدينية في عقل المجرم و استعمارها للجسد الاجتماعي و تسلطها على ابجديات التفكير

ان العاطفة الدينية اذا طغت على الفرد تصيب عقله بالعمى الفكري و تجعل منه خطرا على امن الافراد في ذات المجتمع فاي فرد تستعمره العاطفة الدينية ايا كان الدين الذي تنطلق منه يصبح مشروعا لارهابي و مجرم ان لم يصبح ارهابيا و مجرما مباشرة فالعاطفة الدينية فخ اذا وقع فيه عقل الانسان صعب جدا ان ينقذ منه فالمتعصب للعاطفة الدينية عادة لا يعرف انه مصاب بها بل يضن انه في كامل قدارته العقلية في حين ان وعيه مغيب تماما و قد استبدل عقله بتلك العاطفة

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *