arablog.org

التجديد في مجتمعات التخليد

الافكار

ان المجتمع هو مؤسسة تجمع عدة اعضاء يمثلون كل التيارات و التوجهات من اغلبية و اقلية قد تجمعهم الجغرافيا كما قد يجمعهم التاريخ و لكن فوق كل هذا لكل فيهم شخصيته التي لبد ان تكون فاعلة و منتجة للافكار الخلاقة على اختلافها حتى لا يفقد الفرد قيمته فاعضاء المجتمع يجب ان يقدمو فائدة ما لمؤسستهم الاجتماعية الا ان كانو فاقدين للاهلية بفعل قصور عقلي او مرض معين و هم بذلك غير مجبرين الا ان استطاعو القيام بشيء ما من باب التطوع و يكون ملزما على كل الاعضاء الاخرين الانتاج الفكري بما يعوض به النقص و بما يحقق به الاكتفاء الذاتي من الافكار و من الابداع و بما يحقق كذلك تطور المجتمع

و ان الروتين الاجتماعي يخلق العجز فتخبط المجتمع في بعض الافكار دون تجديد او تطوير مع الوقت يسبب تخديرا تاما للمجتمع و عجز كلي يمنعه التقدم فالافكار الروتينية او تلك المسلمات لهي اشد خطرا على المجتمع من الاسلحة النووية فهي تجعل الافراد عاجزين عن تحقيق التغيير يسكنون بقعة معينة في تاريخهم و يعيشون فيها الى الابد ولا يستطعون الخروج عنها و يسجنون انفسهم في الماضي فيصبح الحاضر حلما بعيدا و المستقبل من المستحيلات

فالمجتمعات التي تخلد ماضيها لدرجة الهذيان و لدرجة التقديس تكون في اغلبها مجتمعات لا حاضر لها تخاف من الاقدام على الواقع خشية ان تفقد امجاد الماضي و سراب الخيال الذي تصنعه روايات الاجداد يجعلها مقيدة محطمة فاغلب تلك الروايات تكون من نسج الخيال و البطولة المبالغ فيها تحرق الواقع منها فلا يبدو المجتمع الحاضر سوى فرعا ضعيفا من ذلك الاصل العضيم مما يؤثر على نفسية الافراد و يجعلهم غير قادرين على مواجهة الحقيقة المرة و على محاولة التجديد فهذا الاخير يبدو خطيئة في مجتمع يقدس المحافظة

التجديد هو ما يجعل المجتمع يواكب عصره و ما يجعله يستفيد من القدرات العقلية لافراده و هذا الفعل هو هدف  للمجتمع في مناخ تحضره البيئة الاجتماعية يسمى الحرية الفكرية و تعززه الحرية الفردية في تكريس هذا المناخ فالتجديد يعني كسر الجمود و تحرير العقل و دفعه نحو الامام

و ان الصراع بين المحافظين و المجددين لهو حوار بناء اذا احترمت فيه مقاييس الحوار و لكن على الكفة ان ترجح دائما نحو المجددين و لو بقدر طفيف بما يكفل التقدم و في نفس الوقت تجنب التصادم في المجتمع  و ذلك لان اذا رجحت الكفة للمجددين فان المحافظين سيحافظون على ما جدده المجددون و بينما المجددون سيبحثون عن تجديد ما جددوه في الماضي و هكذا تبقى الوتيرة دائما مجددة و نحو التقدم  بينما لو رجحت الكفة للمحافظين فانهم سيخلقون محافظين اشد منهم يزيدون من المحافظة فيصبح المحافظون الاوائل مجددون و هكذا تبقى الوتيرة دائما نحو التحفظ اكثر فالتخلف اكثر

ان التجديد في مجتمعات التخليد و القداسة لهو عملية شاقة يروح ضحيتها اؤلائك المتمردون على القديم و يدفع ثمنها الاغبياء اللذين يرون التقدم في العودة الى الوراء بينما الحقيقة ان التجديد فعل حضاري عرفه البشر و سيعرفونه دائما فلو كانت العبرة بالمحفاظة لما خرجنا ابدا من العصر الحجري كعصر اول فنحن كبشر نحتاج دائما له (اي التجديد ) من اجل التقدم و مسايرة التطورات في المجتمع البشري العام

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *