arablog.org

الدين و المعرفة !

 

 

المعرفة

ان طريق البشرية مرسوم بهدف معين هو المعرفة التي تجد نور طريقها بالتفكير  و يدفع البشر لذلك الفضول فالمعرفة هي ذلك النور الخافت الذي يبدو في اخر الكهف المضلم و الذي يبزغ شيئا  فشيئا كلما اقترب البشر منه و كلما زاد نوره تبدو الطريق اوضح و اطول و التي يسير عليها البشر نحو ذلك النور ليجدو اجوبة لاسئلة جوهرية يتكبد الانسان معناة التيه منها منذ بداياته الاولى و يستعمره خوف شديد ان ان يفنى دونها فالمعرفة هي سبب الانسان و غايته كما انها اكثر ما يجعل الانسان يتشبث بالحياة اكثر و يخشى من الموت فالمعرفة تجعل الانسان السوي متيما بها فكلما عرف الانسان اكثر ازداد شوقه ليعرف اكثر و كلما وصل لشيء من المعرفة حركت المعرفة فيها فضولا اكبر حيث لا حدود للمعرفة حتى خيال  الانسان الفنان و المفكر لا يمكنه ان يتصور حدا لها

تتمسك المجتمعات الطامعة في النور ذاك و التي تريد بلوغ شيء من المعرفة باقصى ارادتها بمفكريها و علماؤها و فلاسفتها فهم عجلة المجتمع الذي يحركه الفضول في ان يعرف اكثر و دونهم تبقى المجتمعات جالسة في مكانها تحدق في ذلك النور و تفقد الامل شيئا فشيئا في الوصول اليه فالمفكرين و العلماء و الفلاسفة هم اكثر من يعتليهم الفضوب في المجتمع لدرجة انهم لا يتوقفون عن التفكير حيث يمكن ان يكون هاؤلاء وجودوا ليكونوا خريطة للكنز في يد المجتمعات فهناك من يحترمها و يتركها تقوده نحو الهدف و هناك من يطمسها و يخبئها ليقنع نفسه انه وصل للمعرفة فيبقى في حضيض البدائية فكلما تقترب المجتمعات التي تثق في مفكريها كلما تبقى الاخرى في بدائيتها و يخيل لها انها وصلت لقلب المعرفة و هي في الحقيقة مزالت تراوح مكانها

ان المعرفة هي حالة من الاستقرار الفكري و الرضى الادراكي الذي يجعل الانسان يرتقي الى ” الالوهية” و التي تصف حالتها بالهدوء و هي بالكاد تكون مستحيلة في اقصى درجاتها و لكن في غاية الوصول اليها او تلك العملية التي تجعلنا  نقترب منها هي ما نسميه معرفة عادة و لا نقصد بها تلك المعرفة التي لا فضول بعدها ولا اسئلة فكل جواب يثمر من ازهاره اسئلة جديدة تجعل الانسان يبحر فيها من جديد لذا فالاجدر القول ان المعرفة هي الية تهدف لنفسها و المعرفة مشتقة من فعل ان يعرف اي ان يكتسب معلومات او مهارات او خبرات جديدة يزيدها الى رصيده المعرفي و هي واسعة باتساع المعارف و المدركات و الماديات و المعنويات و يتم الوصول اليها عن طريق التجريب و البحث العلمي او عن طريق التامل و التفكير المجرد

و الدين هو موروث اجتماعي مكتسب مثل اللغة و العادات و التقليد و يوضع عادة في خانة اكثر قدسية من الموروثات الاخرى و يحاط بحراسة شديدة من افراد المجتمع باعتباره معرفة قائمة في حد ذاته و في الحقيقة الدين هو سراب المعرفة و وهمها فالاديان في اغلبها وجدت في ازمنة لم تعرف فيها البشرية العلم التجريبي بعد كالية للوصول للمعرفة فكل ما كان هناك هو تاثر بالظواهر الخارجية التي لم لم يفسرها الانسان سوى بوجود كيانات خارج عالمه تتحكم بها و كان يرى في قدراتها خوارقا فوق بشرية فخلق الالهة في فكره و راح يمجدها و يقدسها و يبنى لها المعابد في كل الديانات و الاسلام في مجتمعاتنا نظرا لحداثته كونه دين جديد مقارنة بالديانات الاخرى حاول تفسير الظواهر الطبيعية بعين ليست قاصرة كالديانات الاخرى فالعلوم و المعارف كانت تطورت في محيط بيئته و الحضارات التي تواصل معها العرب و لكن الاسلام كغيره من الديانات اكتفى بالابلاغ عن وجود حقيقة مطلقة تمثل المعرفة المطلقة و لكنه احتكرها في ذاته و جعلها منحصرة متخبطة في الفكرة الدينية و ما تروجه هذه الاخيرة

تخيلوا لو اكتفى الانسان بالمعرفة الدينية هل كنا لنصل للمعارف التي وصلنا اليها اليوم فالدين عادة يدعي انه يعلم كل شيء و في حوزته كل المعرفة و اسرارها فهو يجيبنا بشكل مباشر عن اكثر الاسئلة التي تحير الانسان كمن نحن من اين جئنا لمذا نحن هنا ما هي الحقيقة كيف جاء الكون ما هي الحياة ما هو الموت الخ و بالتالي هو يقتل الفضول المعرفي و يوصلنا الى تلك الحالة من الهدوء الفكري الذي يضن صاحبها و يتوهم انه بات يعرف كل شيء و بيده الحقيقة المطلقة بفضل ذلك الدين و بالتالي يتوقف عن البحث و السؤال و من ذلك نجده يحاول ان يوقف كل من يخوله فكره ان يفكر او يبحث خارج نطاق الدين و ذلك حتى لا يستيقظ من احلامه الورديه و وهم الحقيقة المطلقة فهو بدون ذلك الوهم سيعود الى حقيقته و حقيقة انه لا يمتلك الحقيقة

و من الاخطاء الشائعة التي يسقط فيها الانسان المتدين في بحثه العلمي لايجاد المعرفة هو انه ينطلق من مسلمة مفادها ان الدين صحيح و يجعله الهدف من بحثه و ليس الوصول الى المعرفة كغاية و انما الوصول لاثبات ان الدين صحيح و هنا مشكلة كبيرة حيث يتخلى الانسان المتدين عن سبب وجوده كانسان و هو المعرفة  و التفكير و يبدله بسبب اخر هو اثبات ان معرفته التي اكتسبها دينيا هي الحقيقة و غيرها خاطيء بالضرورة و ان صح فهو يعتبر عقل انسان قاصر على النص الديني لذا فهو يفضل النص الديني على اي معرفة يكتسبها الانسان بعقله خصوصا و ان تنافت مع نصه الديني فهو كالطفل الصغير الذي يعيش في احضان ام ليست امه و بعد ان يتعلق بها يخبره شخص ما عن امه الحقيقية فهو في اغلب الاحوال سوف يرفض الفكرة و يبقى متشبثا بالام التي يشعر انها امه و ان لم تكن فهي الحقيقة الوحيدة التي ادركها فالدين يحث اتباعه على التفاني و الاخلاص له و لكل افكاره و يعتمد في ترويض اتباعه على بالعبادات كالية للقهر و على الترغيب من جهة بالاجر المتمثل في الجنة و هي عالم بدون مشاكل بدون متاعب بدون امراض بدون موت بدون فضول يعني النجاة من كل المخاوف و من جهى اخرى يعتمد على الترهيب بالضغط على الجرح المتمثل في ضعف البشر و خوفهم من الظواهر الطبيعية و على راسها النار فيخفهم بنار تحرقهم الى الابد بدون نهاية ان هم تجراو على راي الدين بخصوص الحقيقة و ان هم تمردو على تلك الاجابات السهلة التي يقدمها الدين

لذلك الدين يمكنه ان يكون جزءا من المعرفة فالمعرفة تتسع لما هو خارج الدين  و افضل وسيلة للوصول اليها في العصر الحديث هو العلم او بالتحديد المنهج التجريبي و هنا اقصد المعرفة العلمية و هناك معارف اخرى تتطلب مناهج اخرى و المنهج الديني ينفع للوصول للمعرفة الدينية و لكن يجب على الانسان ان لا يترك دينه يستحوذ على فضوله بل عليه دائما ان يتعلم اكثر و الدين الصحيح هو الدين الذي يندمج مع الفضول و يتواكب معه و لا يجب ان يعمل الدين على طمس الفضول و تغييبه لذلك العديد من الاجتهادات و التفسيرات الدينية مثلا في الاسلام تدعو للتفكير خارج الدين و جعل الدين محفز لالية التعلم و لو خارجه  و هاؤلاء هم المتنورون من رجال الدين بينما يسر الاخرين على حبس الفكر و قتل الفضول المعرفي و اؤلائك هم تجار الدين و الكهنة

انور رحماني

 

  1 comment for “الدين و المعرفة !

  1. 19 فبراير,2019 at 11:27 م

    Merci beaucoup pour tous çaaaaa

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *