arablog.org

تناسخ الحضارات ( الحضارة الاسلامية و الانتقال الحضاري )

 

شمعة

ان اكثر الاسطوانات التي يحب سماعها المسلم و العربي بالتحديد هي تلك الاسطوانة الممجدة للحضارة الاسلامية التي يقال عنها انها كانت القاعدة الرئيسية التي ارتكز عليها التطور في اوروبا و منه الى العالم و باتت هاته الاسطوانة تتكرر حتى اصبحت مرضا يتشبث فيه المسلم ليغطي عن فشله و اخفقاته الانية و الحالية حين اصبحت يداه صفرا خاويا من اي منتج حضاري يقدمه للبشرية و حين قدمت له البشرية صنوفا متنوعة من المنتج الحضاري راح يربطه بعلاقة سببية مع ماضيه و اجداده يشكل مرضي حتى لا يجد نفسه غريبا عن المجتمع البشري و حتى يرضي غروره و يكسب كسله الفكري بعضا من المشروعية و هذا المنتج الحضاري الذي اصبح يصدر بسهول بين الامم بفضل العولمة نجده في جميع الميادين الحياتية للانسان و المجتمع من علم و طب و فلسفة و تكنولوجيا و ادب و فن و لباس و قانون و اخلاق و تنضيمات سياسية و اجتماعية و قانونية و غيرها الا ان الوعي العام لدى المسلمين اليوم لا يحاول ان يرد شيئا مما يقدم اليه بل يمضي اسفل العار بمقولته الشهيرة ” سخر الله الكفار لخدمتنا ” فيبقى المسلمين في تخلف و في حاجة دائمة لغيرهم  بفضل هذا اي رمي ثقل التخلف على امجاد الاجداد

لقد عرف المسلمون حقا حضارة علمية و فكرية امتدت من القرن الثامن الى غاية القرن الخامس عشر و لكن عرفت اوجها العلمي الاكبر او ما يسمى العصر الذهبي الاسلامي الحقيقي بين القرن التاسع و القرن الثاني عشر و مزالت تلك الحقبة تبزغ بنور فكرها الى اليوم خصوصا في الميادين الفكرية و الفلسفية التي ازدهرت خاصة في الفترة العباسية حيث عرفت الحضارة الاسلامية حرية فكرية كبيرة جدا ساهمت في خروج العديد من الفلاسفة و المفكرين و العلماء و المبدعين و الناقدين حيث كان الفلاسفة يتناولون مواضيع هامة كالدين و الجنس و الموت بطريقة منطقية و كانو يتجادلون حولها بكل اريحية دون ضغط ممارس ضدهم من طرف السلطة العامة و كانت تجد بعض المعارضة من حراس المقدس و لكنهم لم يجرو وراءهم الشعوب نحو نبذ المفكرين مثلما هو الحال اليوم بل كان للمفكرين دورهم الريادي في قيادة الامة الاسلامية بغض النظر عن فكرهم او دينهم او ايمانهم او حتى الحادهم فقد كان المفكر يجهر بفكره حتى و ان كان يعارض النصوص المقدسة فكان المعتزلة يخوضون في الدين و يعطون تفاسيرا جديدة يراها البعض حتى محاولة لتغيير النص المقدس و كان ابن سينا و هو صغير جدا يعارض الائمة و الكهنة و يتحداهم و يشرح الموتى و يقدم انجازات كبيرة في الطب و كان ابن الهيثم مخترع المنهج العلمي التجريبي الذي يرفضه اليوم المتطرفون الاسلاميون كمنهج علمي و هو سبب النهضة العلمية في العالم الغربي

و لكن ما يجب ان يعرفه المسلمون ان الحضارة لم تكن اختراعا اسلاميا ولا العلم كذلك فالحضارة تنتقل بين الامم بفعل التناسخ و التناقل فكل حضارة هي قاعدة للحضارة الاخرى فالاكيد ان المسلمين لو لم يجدو قاعدة فلسفية و فكرية فيما وصل اليهم من علوم الامم التي غزوها و التي يتاجرون معها و كذلك كتب الفلاسفة الاغريق لما وصلو هم كذلك لتشييد الحضارة الاسلامية فعندما نلقي نظرة للعلم فلا نجده اختراعا اسلاميا مثلما يروج له في العالم الاسلامي اليوم كذبا و زورا و فخرا بما هو بهتان او ان العالم لم يعرف الحضارة الا مع بزوغ الاسلام فهذا قول ابله فتلك حضارة ميزوبوتاميا في العراق التي شهدت الارض بين النهرين هناك ولادة القانون و العلمانية معا  قبل ستة الاف سنة من الاسلام و حضارة الفراعنة في مصر التي مزالت تحير العلماء اليوم قبل اكثر من اربعة الاف سنة من بداية الاسلام و كذلك تلك الحضارات من امريكا الى اسيا فمن تطور الطب لدى الصينين الى تطور العمران لدى البيزانطيين و الرومان الذي شيدو اطول الطرق انذاك لتؤدي الى روما  و حضارة المدينة لدى اليونان حيث اسسو الديمقراطية قبل الاف السنين و اكتشفو العدد {pi} و كذلك اسسو لعلم المنطق و الفلسفة و كانت بلادهم زاخرة بالفكر الحر و بالعطاء الفلسفي و الفكري و العلمي و بالنقاشات الهامة و بما مزال يؤثر علينا الى اليوم كفكرة “الديمقراطية”

و كذلك الحضارة الاسلامية التي ارتكزت على الحضارات الاخرى لتكتسب حضارتها عن طريق الترجمة فهذا ابن الرشد الذي يشرح و يقوم بترجمة كتب ارسطو الذي كان مولوعا به فسمي الشارح و ذلكم مئات الامثلة التي تاثرت بروائع الفلسفة اليونانية و الثقافات الاجنبية فاثرت هي كذلك في سير المجتمع الاسلامي الذي كان يعرف تقبلا للاختلاف كبير في ذلك العصر الذهبي في كل الميادين الفكرية و الفلسفية و العلمية و الادبية و بل حتى الفنية  فانتشرت الموسيقى الاندلسية و اخرتعت الات موسيقية جديدة كالعود و القانون و الحرية الدينية فنجد المسيحيون و اليهود و الصابئة و اليزيديون و الملحدون و غيرهم يعيشون بتعايش و بتساوي الحقوق مع المسلمين و الحرية الجنسية فنجد المثليون امثال ابونواس الذي كانت يكتب شعرا في حبه للذكور دون ادنى خوف من المجتمع في جراة قلما نراها في العصر الحالي  يعيشون حياة عادية جدا في كنف مجتمع يتقبلهم كما هو و يحترمهم في اقصى الانفتاح و كانت المراة تلعب دورها في تنمية الحضارة حيث كان اغلب المسلمين و المسلمات و من يعيش معهم يجيدون الكتابة و القراءة مما جعل عملية التثقيف سهلة جدا لدى المفكرين و المثقفين انذاك و بلغ سيل المعارف في المجتمع الاسلامي فيضا على رؤوس المسلمين فتعمقو في الفلك و السيمياء و ترجمو روائع الادب الفارسي و على راسها الف ليلة و ليلة و اخذو الاقواس في الهندسة عن البيزنطيين فادخلوها في المساجد و في ابواب المنازل و تطورت الالبسة بما يتماشى مع الزخم الثقافي الذي عرفته الامة الاسلامية بسبب دحول العديد من الامم تحت لوائها

و ان اي حضارة  تبدا بالسقوط عندما يبدا المعبد الديني يتحول الى سلطة قهرية على الافراد فيسيطر على عقولهم و يمنع مفكري المجتمع من تقديم جادة الصواب من عقولهم و يحد من ابداع الفنانين اللذين هم روح المجتمع فيصبح المجتمع مخدرا كليا فتبدا شمس الحضارة فيه بالافول و هذا بالتحديد ما وقع للحضارة الاسلامية حيث بدا رجال الدين يتدخلون فيما لا يعنيهم و يحاولون تحريم الفكر الحر و الابداع و التفكير المنطقي و راحو يجرون افراد الشعب نحو رفض المفكرين فكتب ابي حامد الغزالي كتاب ” تهافت الفلاسفة” و حرم فيه الفلسفة و الفكر الحر فرد عليه ابن الرشد بكتاب ” تهافت التهافت” دفاعا عن الفلسفة و الفكر الحر و انتهت بكتب ابن الرشد محروقة بسبب التطرف الذي بدا يتصاعد في تلك الفترة و راح بعض رجال الدين يحرمون الرياضيات و الطب و السيمياء و الفن و الابداع فبدات الحضارة الاسلامية تتسارع باول خطواتها نحو الانهيار

و عندما تكون حضارة ما في اخر شموسها تستعد حضارة جديدة لاخذ المشعل فبعد انهيار الحضارة الاسلامية بزغت الحضارة الاروبية و انطلقت من حيث ما انتهى رواد الحضارة الاسلامية مثلما هم ايضا انطلقو من حيث انتهت الحضارات التي سبقت الحضارة الاسلامية و هكذا تستنسخ الحضارة نفسها انتقالا من امة الى امة عبر الزمن بالتناسخ او التناقل الحضاري حيث الحضارة تسافر بعيدة باحثة عن مناخها الذي يوالمها و تستطيع العيش فيه فالحضارة تحتاج لحرية فكرية و فردية و تنوع ثقافي و تقبل للاختلاف لكي تشع و تشرق و بمجرد ان تبدا شموع الحرية تنطفا و يبدا اكسجين الفكر الحر يتناقص تفقد الحضارة قدرتها على المضي قدما في تلك الامة فترحل الى الامة الاخرى التي بدات فيها  عوامل الحضارة تبزغ شيئا فشيئا

و لم تعتمد الحضارة الاوروبية على ما تبقى من الحضارة الاسلامية فقط ولو انها ارتكزت عليها الا انها اعتمدت هي ايضا على ما تاثر به المسلمون كالحضارة اليونانية ايضا و سرعان ما عادت لتقدم هي ايضا روادها  و مفكريها اللذين هزمو المعبد و الكنيسة بفضل تمكنهم من العلم التجريبي و بعد مواجهة شرسة مع الكنيسة فكان غاليليو غاليلي احسن مثال و تقدمت الحضارة الاوروبية الى عصرنا و توسعت الى العالم الجديد و بقيت الى يومنا هذا تبدع فاوصلت الانسان الى الفضاء و وصلت الاكتشافات فيه سطوح الكواكب و النيازك و راحت تبح عن اتصالات مع حضارات اخرى خارج كوكب الارض في الوقت الذي اليوم لو اخبرت بهذا اي فرد في المجتمع المسلم لاصيب يصدمة حضارية و راح يضحك و هو يكذب ما تقول له هذا لان الحضارة هناك انطلقت انطلقة صحيحة و هزمت الاضمحلال الفكري الذي يسعى اليه رجال الدين عادة عكس الحضارة الاسلامية التي انطلقت انطلاقة جيدة الا انها هزمت امام جبروت رجال الدين فبقيت مهزومة الى يومنا هذا

ان الحضارة في عملية تناسخ و انتقال متكرر عبر التاريخ فالحضارة لا يمكنها ان تنشا الى في كنف الحرية الفكرية و الابداع ولا يمكنها ان تواصل طويلا في مناخ ديني متزمت ضحل يمنع الحرية الفكرية و الابداع فتنتقل الى مكان اخر تبدا توجد فيه تلك العوامل و كل حضارة لتنشا تتاثر بمبديعيعها و كذلك بالتطور الذي عرفته الحضارة قبلها لذا اصبح التطور الحضاري البشري سريعا جدا خصوصا مع سرعة الاتصال في وقتنا الحال مما سهل للجنس الاصفر التطور بالتزامن مع الجنس الابيض و بقي العرب و المسلمون و الجنس الاسود في اواخر الترتيب و في ذيل الحضارة بسبب تمرغهم في وحل الفكر الديني و منعهم كل اشكال الحرية من الوجود لذا فلاحياء الحضارة الاسلامية من جديد على المسلمين ان يعو مسببات الحضارة و ان يجعلوها تاتي اليهم و ان تزورهم و ان تبقى عندهم فعليهم تشجيع الحرية الفكرية و الدينية و كل الحريات الفردية و تشجيع الفن و فتح الباب على مصرعيه امام المفكرين و الادباء و الكتاب و الفنانين دون تدخل ديني في ابداعهم و فتح المجال للنقاشات الحرية و تعليم المجتمع على التقبل الاختلاف و احترام الافكار و قبل كل هذا على المسلمين ان ينطلقو من حيث انتهت له عجلة الحضارة من التطور في الامم الاخرى من قوانين و اختراعات و سياسات و تنضيمات لا من الماضي فالاستقلالية التامة في تشيد الحضارات قد انتهى فنحن اليوم في عصر العولمة و كل حضارة تؤثر على الاخرى لذا من واجب المسلمين اليوم التفكير بمنطلق انساني و ليس ديني اسلامي و هذا هو السبيل الوحيد

انور رحماني

  3 comments for “تناسخ الحضارات ( الحضارة الاسلامية و الانتقال الحضاري )

  1. 3 أبريل,2015 at 10:55 م

    شكرا لك على التحليل الدقيق الذي ينم عن وعي ودراية ومعرفة وثقافة عالية في تحليل الموضوع

  2. شكري
    4 أبريل,2015 at 3:56 ص

    نعم صدقت في اغلب ما قلت
    لكن هذا لا يغير الكثير من الواقع
    المهم يبدو انك تركز على المسلمين بطريقة كرة وهذا طبيعي لانك امازيغي وتحشر نفسك في مدونات عربية لاحظ اسم عربية وليس امازيغية
    ثاني انت تدافع عن المثليين وهذا شئ اقبله فكل انسان حر
    لكن يتضح من طريقة كتاباتك انك انت لست مثلي وكانك تحاول نشر شئ فقط لتبرر فيه ما تريد انت وهذا ليس مقال انما كانك تصور نفسك عاريا وتقول انا حر
    ونعم التطور

  3. ابوعرب
    5 يوليو,2017 at 9:06 ص

    أبونواس مثلي ويمارس غزله للذكور دون أدنى خوف من المجمتع؟
    غريبه، اعرف ان الحضارة الاسلامية اعتمدت على القران والسنة واللذان ذما وتوعدا هذا الفكر. فكيف ينتشر ويتبنى في الحضارة الاسلامية؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *