arablog.org

ابي و العولمة

انور رحماني

على غير عادته ابي الذي طالما قرء لي و كان احيانا يوافقني في ارائي و احيانا لا  احيانا يخاف علي من حدة كلماتي و بطش اعداء الراي و الكلمة و احيانا يستنكر علي محاولتي تغيير المجتمع و كان يصفني بالمجنون طلب مني البارحة و هو واقف امامي يتاملني بصمت “انور اقترح عليك ان تكتب عن العولمة و رايك فيها ”  لا اعرف بالتحديد لما يريدني ان اتحدث عن هذه الاخيرة ثم تاملت نفسي و سالت ” مذا نقدم كجزائريين للعولمة ”

اتفهم ابي و هو من جيل الحرب الباردة التي كان ينقسم فيها العالم الى كتلتين و شهد على انفصال الجزائر عن فرنسا و شاهد كذلك على جميع الاحداث من الخمسينات الى يومنا هذا في الجزائر و خارج الجزائر و شاهد ايضا على بزوغ فجر العولمة الحديثة ربما هو اهم الاحداث و الظواهر التي لفتت انتباهه و الاهم  بين الاخريات

في الحقيقة العولمة ليست طغيان الثقافة الامريكية على باقي الشعوب و العالم كما يسوق لها الاعلام و لكن هي تفاعل جميع الثقافات فيما بينها و تمازجها و البقاء بينها للاصلح و الاكثر تطورا و تماشيا مع العصر كما لا تفيد بالضرورة طمس ثقافة لفائدة ثقافة اخرى او حضارة لفائدة حضارة اخرى بل هي اندماج لتلك الحضارات افرزته الية التعايش المشترك التي يصارع الكائن البشري للوصول اليها و تحقيقها على اعلى المستويات تحقيقا لبقاء نوعه و نبذا للحروب و الصراعات التي تهدد بقائه

في القديم كانت الشعوب تكون هويتها المنفصلة دون اي علاقة بالاخر لذا كان الاختلاف المعرفي و الثقافي واضحا جدا بينها اما اليوم فكل العالم يتصل على الانترنيت فالشعب الامريكي لم يترك اختراعه لنفسه و كل شعوب العهالم تركب الطائرات و السيارات و القطارات و تشعل شوارعها انورا بالمصابيح و تولد الطاقة من الانهار و بالغاز و الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية و طاقة الرياح و الكل في العالم يستخدم الهواتف النقالة المصنعة في كوريا او اليابان او اوروبا او اي بلد اخر في الحقيقة هذا اندماج كلي بين الشعوب في العالم و هي عولمة للتكنولوجيا

كما نجد العولمة و هذا الاندماج و التفاعل واضحا جدا في الموسيقى حيث يبدو ان الايقاعات و المقامات تصدر من ثقافة الى اخرى فاصبحنا اليوم نستمع للايقاعات الجزائرية في الموسيقى الامريكية او الفرنسية كما نستمع لالات موسيقية اوروبية في الموسيقى العربية كما نرى ان الموسيقى الهندية و سرعتها اثرت كذلك على سير الموسيقى العالمية و نجد ايضا العولمة في الملابس حيث اثر القفطان الجزائري و المغربي على شكل الالبسة في العالم كما اثر اللباس الهندي على اللباس الامريكي فنجد مثلا التيشيرتات التي  تعلو السرة التي هي بالتاكيد لباس هندي و نجد القبعة الامريكية و اليهودية في كل العالم كمكا نجد بعض الالبسة الاسلامية تباع في طوكيو كما نجد الثقافة اليبانية تطغي على افلام الكارتون

و هذا التفاعل ايضا نجده في الميدان السينيمائي و في الكتب و الروايات التي لم يعد لها حدود بفضل الترجمة كما  نجد التنوعات العرقية و التعايش في تجمع المدن الكبيرة الميغالوبوليس حيث نجد كل الاجناس البشرية مكونة نسيج سكاني واحد كما نجد العولمة في المسابقات العالمية في جميع الميادين و في كاس العالم و في التكتلات الاقتصادية و الثقافية

ان العولمة ليست ذلك الوحش الذي يهدد البشرية بل هي اصطفاء اجتماعي يولد لنا في الاخير اندماجا ثقافيا اجتماعيا للبشر مع الابقاء على الاصلح و تفاعله و اختفاء الاسوء و تذكره كجزء من تاريخ هذا التفاعل و التطور

الشعب الجزائري كغيره من الشعوب عليه ان يقدم للبشرية لكي يندمج معها ولكي يترك بصمته في العولمة  و لكي يترك اثره فيها بما يحفظ هويته و بما يكون به التاثير متبادلا و لن يقبل المجتمع البشري بافكار سلبية بل تلك الافكار ةو العادات و الاختراعات و الابداعات التي تخرج من كل مجتمع الى العالم تكون في صراع على البقاء بالية التفاعل او الاندماج و البقاء دائما للافضل و الاجمل

ابي سالني عن العولمة ربما لانه من دلك الجيل الدي شاهد الصراعات الدموية بين الشعوب و كان ابنا لاحد الاسرى في الحرب الهند الصينية كما شاهد بعينيه ضحايا الخراب الدي شهدته الجزائر في التسعينات و الحرب الباردة و الثورة الجزائرية و الحروب العربية الاسرائيلية و العدوان الثلاثي على مصر كما كان شاهدا على بدايات الحركات الاسلامية الرافضة للحداثة ربما اراد ان يقول لي بطريقة غير مباشرة قل للشعب ان العولمة ليست استعمارا

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *