arablog.org

الحريات الفردية و دورها في انشاء الديمقراطية

انور رحماني

عندما نشات فكرة الديمقراطية في الحضارة الاغريقية بمعنى حكم الشعب جاءت مناقضة للواقع هناك حيث كان الحكم للنخب وحدها او ما يعرف بالارستقراطية  حيث حرمت النساء من ادلاء صوتهن و كذلك العبيد و الاهالي و غيرهم و بقي هذا المفهوم القديم لفكرة الديمقراطية مكتسحا على مر قرون فمنذ القرن الخامس قبل الميلاد الى القرن العشرين حيث كانت تناضل المراة من اجل حقها في الانتخاب و كذلك اصحاب البشرة السوداء في افريقيا الجنوبية و الولايات المتحدة الامريكية و الاهالي من سكان الدول المستعمرة و بقي الى يومنا هذا في بعض دول العالم خاصة في بعض الدول الاسلامية و بالتخصيص دول الخليج العربي حيث مزالت يحرم سواد الشعب من حرية الراي

و مزال النضال مفتوحا لكل الفئات في المجتمع من الاقل اضطهادا كالمراة او الاكثر  كذوي الاحتياجات الخاصة الى الاكثر اضطهادا باسم المقدس من الملحدين و المثليين من اجل حرية الراي و التعبير و حرية المسؤولية الفردية  حيث كل فرد مسؤول على تصرفاته و كل شخص حر في ما يفعل على ان لا يضر نفسه او البيئة و المحيط الذي يحيطه و يبقى الانسان و كرامته هي عنوان كل حرية فردية يطالب بها الشرفاء و الابطال فليس من المعقول ان يقيد انسان باسم الافكار و القناعات التي يؤمن بها انسان اخر او ان ينزع حق من انسان لان انسان اخر يضن ان ذلك الانسان لا يحق له ذلك الحق فمن حق المؤمن ان يصلي و لكن ليس من حقه ان يفرض الصلاة على من لا يريد ذلك كل انسان له الحق في رؤية الاشياء بمنظوره على ان لا يجعل ذلك المنظور امرا واقعا و ان يعمل على  فرض رؤيته باي شكل من الاشكال فالايمان حق و لكن الكفر ايضا حق و لا يمكن ان يكون اضطهاد الاخر المختلف جزءا من حقوق الاغلبية

و ان فكرة الديمقراطية كانت و لتزال تتطور كل يوم و طبعا الحريات الفردية هي وقود هذا التطور فعكس ما يروج له في الدول العربية مثلا حيث يضن اغلب الناس و حتى اغلب النخب ان الديمقراطية لعبة فهي ليست كذلك بل هي اسلوب حياة حيث لا تضغط الاغلبية على الاقلية باسم الاغلبية ولا تقهرها و حيث القانون لا ينظر للمواطنين بطائفية او بغالبية و اقلية بل ينظر للافراد يمنطلق مواطنين و فقط و يعاملهم بدون تمييز يعود سببه للمولد او الجنس او العرق او لون البشرة او الفكر او الراي  او الدين اوالمذهب او المعتقد او الميول الجنسي ففكرة الديمقراطية مزالت في وعي الدوغمائيين و الدينين انها حصان طروادة الذي يستولون به على الحكم ليمارسو قهرهم على باقي فئات الشعب و خاصة المختلفين منهم و المبدعين و المفكرين و الذين يخالفونهم الراي

و ان حرية الفرد هي اساس اي ديمقراطية ففي الديمقراطية الفرد هو من يدلي بصوته و ليس الجماعة فعند دخول الفرد الى قاعة الانتخابات فهو يدلي بصوته بكامل حريته و بمسؤولية فكيف اذن يمكنه ان يقوم بهذه العملية الديمقراطية ان لم يكن حرا في كل المجالات حياته و كيف له ان يكون مسؤولا ان لم يكن وعيه و فكره حرين ان الديمقراطية تفترض وجود فرد واعي بها و يحترم اساسياتها و يحترم حرية التعبير و تتطلب وجوده بصفة واعية و مسؤولة لكي يستطيع الاختيار بحرية

لذا فالحريات الفردية الفكرية و الدينية و العقائدية و الجنسية و حرية الراي و حرية الذوق و حرية اللباس و حرية التحرك هي اساس الديمقراطية الحقيقية فالفرد الحر لا يعاني ضغوطات  نفسية في حياته مما يخوله ان يقدم رايه بحرية و مسؤولية و قناعة تامة دون تعرضه لغسيل مخ باسم اي اديولوجية معينة مهما كانت مقدسة في نظره او في نظر من يقوم بذلك و الهدف الرئيسي من الديمقراطية في الحقيقة ليس جعل الاغلبية تحكم بل جعلها تحترم الاقلية و تحميها و تعطي للفرد مكانته الحقيقية لبناء المجتمع

انور رحماني

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *