arablog.org

العقل الجمعي ( ذكاء المجتمع و تفعيله )

انور رحماني

 

ان للافراد  ارادة و ادراك و احساس تتفاعل فيما بينها ليتولد لنا ” العقل ” فنقول عن ذلك الانسان عاقل بمعنى لديه ادراك منطقي و ارادة حرة و مستقلة و احساس متزن  و هذه الثلاثية ان وجدت تقدم لنا فردا مسؤولا و نافعا و ان المجتمع في حقيقة الامر هو جماعة بشرية اي مجموعة من الافراد تتفق على مجموعة من المفاهيم و المصطلحات و تعيش في رقعة جغرافية واحدة و ان تلك المفاهيم و الاصطلاحات قابلة للتطور و التغيير حسب ما يقتضيه الزمن و حسب ما تقتضيه ايضا الحاجة و و نقول عن مجتمع ما انه عاقل اي لديه ارادة حرة و و ادراك منطقي  و احساس متزن و هذا لا يتحقق الا بوجود اغلبية عاقلة في ذات المجتمع و هذا ما يسمى بالعقل الجماعي او عقل المجتمع و اركانه

الادراك المنطقي

على الافراد في قلب المجتمع ان يحملو في عقولهم الادراك المنطقي حتى يتم تحقيقه في عقل المجتمع و يقصد به ذلك الادارك الفكري و العقلي و القدرة على التمييز بين الخطء و الصواب  و بين الواقع و الخيال و بين الحقيقة و وهمها و بين الخير و الشر حيث يستوجب على افراد المجتمع الابتعاد عن الميثافيزيقا في تحليل العلوم الطبيعية و التعامل مع الطبيعة بعين مكتشفة و ليس بعين دينية فتفسير الظواهر الطبيعية ليس من مهمة الالهة بل من مهمة البشر كونهم هم من يتعاملون مع الطبيعة و ليس الهتهم التي يعبدونها او يقدسونها بشكل معين و لكي يكتسب العقل الجماعي هذا النوع من الادراك لبد له من عدة عوامل مساعدة منها السلطة العامة في المجتمع التي عليها ان تسير القاطرة الاجتماعية نحو ذلك الهدف عن طريق تسخير الادوات المناسبة المادية و المعنوية و كذلك من مهمة النخب في المجتمع تحقيق هذا الادراك فهي بمثابة الخلايا العقلية التي يعمل من خلالها و على هذا الادراك المنطقي ان يسع كل مجالات الحياة من سياسة و اجتماع و قانون و غيرها

الارادة الحرة

و يقصد بها استقلالية التفكير لدى المجتمع و عدم انغلاقه المكاني او الزماني و عدم تقييده بتاثيرات خارجية او دينية فعلى المجتمع ان يعبر عن حاجياته و ما يريده من الاشكال التنضيمية في المجتمع عن حاجياته الحقيقية و ليس عن حاجيات رجال الدين و الكهنة و المعابد فان راى المجتمع حاجة له تتعارض مع مقدس ما عليه ان يقوم بها و لو على خلاف المقدس و هذه هي الارادة الحرة للعقل الجمعي و لا تتحقق تلك الارادة الا بتحققها في الافراد و في وعيهم

الاحساس المتزن

و يقصد به التفاعل الجماعي مع الاحداث المختلفة بطريقة متزنة فجريمة قتل مثلا مهما كان سببها على افراد المجتمع ان يتفقو على احساس واحد صوبها و هو الحزن و ايضا الاستنكار و ان مهرجان ثقافي موسيقي على المجتمع ان يتفق على احساس واحد صوبه هو الفرحة و  ان تفاعل افراد المجتمع مع اي قضية كانت يجب ان لا يؤخذ شكلا دوغمائي او قومي او ديني او اديولوجي معين فالحب مثلا خير و الكره شر و من خلال الادراك المنطقي لهذين المفهومين يستوجب من المجتمع ان يكرس الحب و يمقت الكره و هنا يعطينا اتزانا في احساس المجتمع العام مما يساعده ايضا في اكتساب ادراك منطقي و ارادة حرة

و هذه الاركان الثلاثة مترابطة فيما بينها تستوجب تحققها مع بعض لتتحقق كل واحدة على حدة فيجب ان يكون للمجتمع ادراك منطقي ليكون له ارادة حرة و احساس متزن و كذلك يجب ان يكون لديه ارادة حرة ليكون لديه ادراك منطقي و احساس متزن و يجب ان يكون له احساس متزن لكي يكون لديه ادراك منطقي و ارادة حرة لذى فالعقل الجمعي يكون ذكيا بتفاعل هذه الاركان الثلاثة فيما بينها بما يحقق للمجتمع تطورا مواكبا لعصره

و ان اهم ما يهم في ذكاء العقل الجمعي هو اكتساب حس المسؤولية في المجتمع حيث ان المجتمعات الذكية توجه النقد لذاتها عند ارتكاب الاخطاء بينما المجتمعات الغبية لا تتحمل مسؤولية افعالها بل تلقيها دائما على عاهل من تصنفهم ” اعداءا ” فلا يصوب طريقها ولا تصحح مفاهيمها و تبقى تعاني في كنف الركود الاجتماعي لذا وجب القول ان عقل المجتمع متناسب مع عقل الافراد فيه و بدون فرد مكتسب لاليات الفكر و التفكير لا يمكننا ان نبني مجتمع ذكي ابدا و العكس صحيح

انور رحماني

 

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *